للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسائل المعينة على قيام الليل]

السؤال

كثير من الإخوة يسألون عن الوسائل المعينة على قيام الليل؟

الجواب

من أعظم الوسائل: سؤال الله عز وجل والدعاء، سل الله جل وعلا أن يجعلك من أهل قيام الليل؛ فإن أهل قيام الليل هم الصالحون وعباد الله المتقون، وأولياؤه الذين يذكرونه بالأسحار إذا نامت الأنظار، وتوارى الإنسان عنها، وأصبح في الدعة والسرور قام بين يدي الله يناجيه ويناديه، سل الله عز وجل أن يجعلك من أهل قيام الليل.

الوسيلة الثانية التي تعين على قيام الليل: كثرة ذكر الآخرة {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} [الزمر:٩] هذا أول شيء، إذا أردت أن تكون من أهل قيام الليل أكثر من ذكر الآخرة والخوف من الآخرة؛ فإن الله يحيي بهذا الخوف ليلك، فتصبح في خوف مما أنت قادم عليه فتقوم تركع أو تسجد أو تستغفر أو تتلو كتاب الله جل وعلا: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} [الزمر:٩] القنوت: قيل: ملازمة الشيء، وقيل: الذكر {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} [الزمر:٩] إذاً أول شيء هو الخوف من الآخرة، وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الزمر:١٦] ماذا؟ {خَوْفاً} أول شيء الخوف {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦] فإن أردت أن يجعلك الله من أهل قيام الليل فهيئ في نفسك الخوف من الله؛ حتى يجعل الله فيك شوقاً للنجاة، والذي يخاف الله جل وعلا يوفقه الله لقيام الليل، ويكون قيام الليل سهلاً ميسراً عليه، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم منهم.

الأمر الرابع الذي يعين: الأخذ بالأسباب، ومنها قراءة سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم، والصحابة رضوان الله عنهم، فهذه من الأمور التي تحيي في القلوب حب قيام الليل، وإذا أحببت قيام الليل حرصت عليه.

كذلك أيضاً من الأسباب التي تعين على قيام الليل الآتي: إياك والسهر بعد العشاء، يكفي الدنيا من بعد الفجر إلى صلاة العشاء، ما يكفي الإنسان الدنيا هذا كله وهو في دنياه يسرح ويمرح؟ بعد العشاء -يا أخي- اقفل باب بيتك، وتوضأ وقم بين يدي ربك، والله يمكن الجزء ما يأخذ منك ثلث ساعة، جزء من كتاب الله جل وعلا، الحرف بعشر حسنات، تقرأ الصفحة آلاف الحسنات تكون لك، وهي لا تأخذ منك خمس دقائق تجارة وغنيمة وفوز وربح، بمجرد أن تصلي العشاء، الآن كثير منا يجلس مع ضيفه أحياناً ثلاث ساعات بعد صلاة العشاء ولا يستكثرها ولا يشعر بها من حلاوة الضيف! فكيف بحلاوة مناجاة الله جل وعلا؟! إذا لم تستطع قيام آخر الليل بعد صلاة العشاء توضأ يا أخي! وخذ كتاب الله، إن كنت تحفظ اقرأ من حفظك، وإن كنت لا تحفظ فخذ كتاب الله ولو تقرأ بالنظر، وهي ساعة تفرغ فيها لذكر الله جل وعلا، واذكر ما فرطت فيه في يومك، تستغفر، تذكر، تسأل الله عز وجل خير الدين والدنيا والآخرة، وتسأل الله لك ولوالديك.

فهذه من أهم الأمور، الأخذ بالأسباب، قيام الليل يحتاج إلى جهاد، يحتاج إلى رجل كامل الرجولة في إيمانه، فإذا أخذت بهذه الطريقة نظر الله إليك كل ليلة، وهذا أمر لا تفرط فيه مهما كان، قيامك لليل إذا ابتدأت القيام بعد صلاة العشاء تحافظ عليه يصبح أعز عليك من طعامك وشرابك، اليوم الأول تراه كالجبل، واليوم الثاني كنصف جبل، واليوم الثالث أحب إليك -والله- من أهلك وولدك، حتى أنك تضيق لو أن أحداً قال لك: تعال افعل كذا أو احصل على كذا بعد هذا؛ من لذة وحلاوة طاعة الله جل وعلا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل.

فإن استطعت أن تفعل هذا فإن الله قد يحب ويجل منك هذا العمل، فيوفقك إلى قيام نصف الليل، ثم يجل منك هذا حتى تصبح من أهل قيام الثلث الآخر، فينعم الله عليك فتكون ممن قام الليل وكتب من الذاكرين.

أكثر من قيام الليل فإن الله عز وجل يشرح به الصدور، وينير به القلوب، حتى قال بعض أهل العلم: إن من أعظم أسباب النجاة من عذاب الآخرة قيام الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر حديثاً طويلاً في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه في قصته مع الملك أنه رضي الله عنه عندما قص الرؤيا - قصتها حفصة، أخته، أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال عليه الصلاة والسلام: (إن أخاكِ رجل صالح فليعني على نفسه بكثرة السجود في الليل) قالوا: إن هذا يدل على أن قيام الليل من أعظم الأسباب التي تذهب روع الآخرة وخوف الآخرة.

نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهل قيام الليل، والله تعالى أعلم.