للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة عامة لشاب قيدته المعاصي]

السؤال

هل من نصيحة لشاب قيدته المعاصي، كلما أراد التوبة عاودته الذنوب، فهل من سبيل لأن يكون حج هذا العام تطهيراً له من هذه الذنوب، وتوبة صادقة خالصة بإذن الله؟

الجواب

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فإن التوبة بابها مفتوح، الله جل جلاله يفرح بتوبة التائبين، ويقيل بحلمه وإحسانه عثرات النادمين، ما صد أحداً عن بابه، ولا حرم أحداً رجاه في مغفرته وعفوه وإحسانه، الله جل جلاله لا يهلك عليه إلا هالك، يفرح بتوبتك أشد من فرحك بالتوبة، ولو علمت مقدار حبه سبحانه لتوبتك وإنابتك لكنت أعجل الناس بالتوبة وأسرعهم إليها، ولو تكررت منك الذنوب، وكثرت منك الإساءة والعيوب؛ فإن الله جل جلاله رحيم لطيف كريم، فأبشر بخير، ولا تقنط من رحمة الله، ولا تيأس من روح الله، فإنه لا يهلك على الله إلا هالك.

قتل رجل مائة نفس آخرها عابد صالح قانت مقبل على ربه، فقتل هذا العابدَ تمام المائة وما قنط من رحمة الله جل جلاله، فسأل عن أعلم أهل زمانه؛ فدل على أعلمهم وسأل عن التوبة، فقال له: وما الذي يمنعك منها؟! ولكن قومك قوم سوء، وقوم فلان قوم صالحون، انطلق إلى قرية كذا وكذا فخرج إلى قرية الصالحين تائباً نادماً مقبلاً على الله جل جلاله، فأدركه الموت بعد هذه الجرائم الفظيعة، والدماء التي سفكها، والمحارم التي أصابها، ففرح الله بتوبته، وأجل الله منه الخطوات وهو مقبل عليه سبحانه وتعالى.

إن تقربت منه شبراً تقرب منك ذراعاً، وإن تقربت منه ذارعاً تقرب منك باعاً سبحانه، وأنت أفقر ما تكون إليه، وهو أغنى ما يكون عنك.

(يا عبادي: إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني) فالله -سبحانه وتعالى- لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين، تبارك وهو رب العالمين.

فلا تيأس من رحمته، ولا تقنط من روحه، ولو تكرر الذنب منك مرات وكرات ولو ملايين المرات، فلا تقنط من رحمة الله، وأغظ عدو الله إبليس، فإن الله إذا رآك كلما افتتنت تبت فرح بتوبتك؛ لأنه يحب التوابين، و (التوابون) هذه الصيغة في لغة العرب تدل على أنهم أكثروا التوبة، وأكثروا الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى.

فأبشر بخير ما دمت ترجو رحمة الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه).

نسأل الله العظيم أن يتوب علينا وعليكم في التائبين، وأن يرحمنا وإياكم وهو أرحم الراحمين.

والله تعالى أعلم.