للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقديم نية طواف الإفاضة ويجعل نية طواف الوداع تبعاً له

السؤال

من أدرك طواف الوداع مع الإفاضة، فأيهما يقدم في النية أثابكم الله؟

الجواب

أولاً: ينبغي تحري السنة، واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

الإفاضة طواف ومن السنة أداؤه يوم النحر، فيحرص المسلم على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأداء هذا الطواف هو يوم النحر، والوداع يكون عند مفارقة البيت والرجوع إلى الأهل، فهذا طواف وهذا طواف؛ فإذا كان عنده عذر كالحائض تطهر آخر أيام التشريق تنزل وتطوف الطوافين وتأخذ بالرخصة، لكن أن يتقصد ذلك دون وجود حاجة أو عذر، فمثلاً الشيخ الكبير، والمرضى والعجزة، والناس الضعفاء يمكن أن يقال: أنهم يجمعوا.

لكن بالنسبة للقوي السوي، والإنسان الذي جاء للحج حتى ولو كان امرأة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول في النساء: (عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) فجعل الحج جهاداً، ومعنى ذلك أنه مشقة وعناء، فيحرص على اتباع السنة واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا كان هناك عذر: المرأة تحيض ثم تطهر آخر أيام التشريق فطافت للإفاضة عند خروجها فيغنيها طواف الإفاضة عن طواف الوداع.

أما النية: أول شيء نية طواف الإفاضة، ويجعل طواف الوداع تبعاً للإفاضة؛ لأن طواف الإفاضة ركن، وطواف الوداع واجب، ولا يندرج الركن تحت الواجب، وإنما يندرج الواجب تحت الركن؛ لأن الأصغر يندرج تحت الأكبر.

ونقول بصحة ذلك؛ لأن مقصود الشرع من طواف الوداع أن يكون آخر العهد بالبيت طوافاً، وهذا يتحقق لو طافت طواف الإفاضة عند خروجها أو طاف الرجل طواف الإفاضة عند خروجه، فقد صار آخر عهده بالبيت طوافاً، فينوي النيتين: ينوي الإفاضة وينوي تحتها الوداع، وحينئذ يجزيه.

فإن نوى الوداع واندراج الإفاضة تحته، فهذا له وجهان: قال بعض العلماء: يجزيه عن الإفاضة؛ لأن ذمته مشغولة بالأكبر والأصغر يجبره، وهذا مبني على مسألة مشهورة، وهي: أنه لو نوى أن يصوم غير رمضان في رمضان أنه ينقلب إلى رمضان، ولكن هذا القول مرجوح والقول الثاني أرجح؛ لأن محل ذلك أن لا يسع المحل للعبادتين، لا يسع إلا لعبادة واحدة كما في أيام رمضان، لا يمكن إلا أن تتسع إلا صوم واحد، أما هنا فالوقت متسع وقد قال صلى الله عليه وسلم: (وإنما لكل امرئ ما نوى).

ومن هنا نقول: إنه لا يصح ولا يجزي، وهو القول الثاني وهو مذهب الجمهور القائلين بطواف الوداع، ويلزمه أن يطوف، وهذا القول قول ضعيف، وهو لبعض أصحاب الإمام مالك رحمهم الله، وحينئذٍ يلزمه أن يطوف للإفاضة طوافاً مستقلاً.

وعلى هذا: النية للأكبر، والأصغر يندرج تحت الأكبر إذا تحقق مقصود الشرع، فالأكبر هو الإفاضة، والأصغر الوداع، ومقصود الشرع أن يكون آخر عهده بالبيت طوافاً، وهذا يحصل على هذا الوجه؛ فلذلك كان مشروعاً.

والله تعالى أعلم.