للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الإكثار من استخدام لفظة الطلاق]

السؤال

في هذه المنطقة أجد تساهلاً عظيماً في استخدام لفظة الطلاق، فأرجو أن تبين لنا خطورة الاستهانة بهذه الكلمة؟

الجواب

الطلاق هي كلمة الفراق التي تفرق الجماعات وتقطع الأرحام، وتوجب الوقوع في كثير من الآثام، الطلاق كلمة تدمر البيوت وتفرق بين الأم وولدها وبين الزوجة وزوجها، كلمة يسيرة ولكنها جليلة خطيرة، والإكثار من هذه الكلمة أمرٌ خطيرٌ ومنكرٌ عظيمٌ، حتى قال بعض العلماء: من أكثر من الطلاق لم يأمن أن يعيش هو وامرأته على الزنا والعياذ بالله.

امرأته طالق إن لم تقم امرأته طالق إن لم تقعد امرأته طالق أن تتغدى اليوم عندي أن تتعشى عندي فتطلق المرة الأولى في أول النهار، وتطلق المرة الثانية في وسط النهار، وتطلق المرة الثالثة في آخر النهار، ثم يبيت معها على فراش زنا والعياذ بالله! من يكثر من الطلاق لا يأمن أن يعيش مع امرأته بالزنا شعر أو لم يشعر، فهذه كلمة خطيرة، ولذلك لا ينبغي ذكر هذه الكلمة عند كل قليل وكثير وجليل وحقير، وقد جاء رجل إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وقال: [يا إمام! إني طلقت امرأتي مائة تطليقة، فقال: ثلاث حرمت عليك، وسبع وتسعون اتخذت بها كتاب الله هزواً].

وجاء رجل إلى عبد الله بن عمر فقال: [يا أبا عبد الرحمن! طلقت امرأتي الطلقة الثالثة؟ قال: حرمت عليك.

قال: يا أبا عبد الرحمن لا تفعل يرحمك الله -يعني: لا تطلق عليَّ امرأتي- فقال ابن عمر: أنا أفعل؟ أنت الذي فعلت، إن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:٢] وأنت لم تتق الله فلم يجعل لك مخرجاً].

فالذي يكثر من لفظ الطلاق لم يتق الله، وحريٌ به أن يضيق على نفسه حتى يعيش هو وزوجه -والعياذ بالله- على الزنا، فليتق الإنسان ربه، فالزوجة وبيت الزوجية أرفع من أن يطلق على شربة ماء، بيت الزوجية كيان مسلم وبيتٌ مسلم أرفع من أن يهدر ويهدم بكلمة تخرج من إنسان متهور.

ثم تجد الأعذار التافهة: أنا عصبي أنا لا أملك نفسي سبحان الله! أضاقت عليك عصبيتك فما وجدت أن تنفس غضبك إلا على زوجتك، على امرأة ضعيفة؟! أضاقت عليك الدنيا حينما أصابك الهم والغم والغضب -فآذاك عدوك- أن تنفذ تلك الكلمة فتدمر حياة مؤمنة تؤمن بالله واليوم الآخر؟! ويكون الإنسان فيه على أخطر ما يكون من ضياع بيته وضياع زوجه وأهله، بل يكون الإنسان لئيماً ضيع حق الناس عليه؛ لأن الذي زوجك أكرمك واختارك لعرضه وأخته وبنته، فكانت العاقبة أن يأتي يوم من الأيام تأتيه تجر ثوبها مطلقةً منك؛ بسبب تافه من أسباب الدنيا؟ فاتق الله عز وجل، وإذا سمعت الرجل يقول: طلاقٌ، حرامٌ.

فقل له: اتق الله، وخف الله رب العالمين.

إذا سمعت رجلاً يطلق وسكتَّ عليه، فإن هذا منكر {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة:٢] فمن منكرات الأقوال، الاسترسال في الطلاق، وعدم المبالاة به.

وينبغي التناصح والتذكير بالله عز وجل، وفي كبار السن المسئولية عليهم أعظم فهم قدوة؛ إذا رأى أحداً يطلق يقول له: يا فلان: اتق الله وخف الله، ولا يستهزئ الإنسان بهذه الكلمة.

إن بعض الشباب حديثي السن يطلق وهو ليس عنده زوجه، يقول: عليَّ الطلاق، عليَّ الطلاق، يستهين بهذه الكلمة حتى يبتليه الله عز وجل، فإذا تزوج استمرأ لسانه الطلاق فيطلق امرأته بحيث لا يشعر! ولذلك ينبغي التناصح في هذا الأمر، وتوجيه الناس، والحرص على حفظ النفس عن حدود الله ومحارمه، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا الورع فيما نقول ونفعل، والله تعالى أعلم.