الحمد لله العظيم الجليل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعالى عن الشبيه والمثيل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله هادياً ودليلاً، فنعم الهادي والدليل، اللهم صل وسلم عليه، وعلى آله، وأتباعه إلى يومٍ تصير فيه الجبال كالكثيب المهيل.
أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفي بداية هذا اللقاء فإنني أشكر بعد شكر الله عز وجل جامعة أم القرى، ممثلةً في عمادة شئون الطلاب، أن هيأت هذا اللقاء بكم على هذه الأرض الطيبة المباركة، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكتب لنا ولكم الخُطا، وأن يجعلها موجبةً عنده للمحبة والرضا.
أيها الأحبة في الله! يا معشر طلاب العلم! يا من اختاركم الله عز وجل من بين الناس، لكي تأخذوا مشاعل النور والهداية، فيفتح الله بكم إذا شاء قلوباً طالما أُغْلِقت، وأسماعاً قد صُمَّت، وأعيناً طالما عَمِيت، والله على كل شيء قدير، فلِلَّهِ في أهل الخير نعم، ومن أجلِّها أنه شرفهم بالخير وجعلهم هداةً وحَمَلةً له، وأنتم يا معشر طلاب العلم! يا من فتح الله قلوبكم بكتابه، ونوّر أبصاركم وبصائركم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كم نحن بحاجة إلى أن نقف أمام هذا الحق العظيم، وهو حق طلب العلم، وكم يحتاج طالب العلم دائماً إلى من يذكره بجليل هذه النعمة وعظيم هذا الحق، فلذلك كانت هذه الكلمة، التي أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا فيها القول السديد، وأن يجعلها نافعةً لنا ولكم يوم البأس الشديد.
أيها الأحبة في الله! إن العلم كالغيث للقلوب، يُحيي الله عز وجل به الأفئدة بعد موتها، ويُوقظها بعد غفلتها، وينبهها من بعد منامها.
هذا العلم لا يكون رحمةً حقيقيةً للإنسان إلا إذا أخلص فيه لوجه الله الكريم، فأول ما يُوصَى به طالب العلم، أن يكون قلبه لله جل جلاله، أن تكون السريرةُ سريرةً تقيةً نقيةً، تراقب اللهَ جل جلاله، وتريد ما عند الله عز وجل، في كل صغيرٍ وكبير، وفي كل جليلٍ وحقير.