للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الغيبة لمصلحة شرعية]

السؤال

إني أحبك في الله، نحن مجموعة من الشباب نذكر عيوب بعض الأشخاص فيما بيننا، وذلك للتشاور للقيام بزيارته ونصحه، فهل عملنا هذا يعد من الغيبة؟

الجواب

أحبك الله الذي أحببتني من أجله، وأشهد الله العظيم على حبكم جميعاً في الله، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يدخلنا وإياكم بهذا الحب دار كرامته، وأن يجمعنا بكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

أخي في الله! نِعْمَ ما صنعته من الغيرة على إخوانك المسلمين، وحرصك على توجيههم ودلالتهم على الخير، ولكن اعلم -رحمك الله- أنه إذا احتاج الإنسان إلى غيبة أخيه المسلم، فينبغي أن يأخذ بما تحصل به الحاجة، وقد نبه العلماء على هذه المسألة في قاعدة: "ما أبيح للحاجة يقدر بقدرها".

وهي قاعدة مشهورة عند العلماء.

والكلام في الناس وذكر عيوبهم محتاج إليه، ولكن يقدر بالقدر، مثال ذلك: لو أردت أن تحفز شخصاً أن ينصح جاره، وتعلم أن هذا الجار -والعياذ بالله- يشرب الخمر ويزني ولا يصلي، فحينئذٍ تبدأ بماذا؟ تبدأ بالصلاة؛ لأنها عماد الدين، وإذا صلحت صلاته، نهته عن الفحشاء والمنكر، فتقول له: يا فلان! فلان أراه لا يصلي.

ما تأتي تقول: ويشرب الخمر ويزني ويفعل ويفعل.

لا تهتك ستر الله على العبد؛ لأن الحاجة تندرئ بهذا القليل.

وقد تكلم على هذه المسألة الإمام العز بن عبد السلام في (قواعد الأحكام من صالح الأنام) كلاماً نفيساً، وبين فيه قواعد العلماء الذين تكلموا على هذه المسألة في جرح الشعور والطعن فيمن طعن فيه، كل ذلك حفاظاً على حقوق المسلمين.

فتذكر: أقل ما تحصل به الحاجة، ثم تشاور إخوانك في استصلاحه، ثم قليلاً قليلاً تذكر لمن يقوم باستصلاحه من عيوبه حتى يكون ذلك أدعى لصلاح حال من تكلم فيه، والله تعالى أعلم.