الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن مكافحة المخدرات والوقوف في وجهها من أعظم الحسنات، وإذا احتسبت المرأة المؤمنة فإن الله يعظم أجرها، ويثقل في الميزان ثوابها، واجب المرأة المؤمنة: أولاً: إسداء النصح والتوجيه، فإذا علمت أن هناك من يتعاطاها، أو أن هناك من يروجها من صديقاتها فإنه ينبغي عليها ويجب عليها أن تخوفها بالله جل جلاله، أن تذكرها بالله، إن كثيراً ممن يتعاطى المخدرات والمسكرات أو يروجها في غفلة تامة عن آخرته، فيحتاج من المرأة المسلمة أن تذكر تلك القلوب الغافلة بالله جل جلاله، ذكري تلك القلوب الغافلة بلقاء الله وسؤال الله عن كل ما ينشأ من هذه الأضرار، وما يكون من البليات والأخطار.
أما الأمر الثاني: فإن ارتدع فالحمد لله وخير له من الله، وإن لم يرتدع فيجب على المرأة المسلمة أن تسعى في ردعه بالتبليغ عنه، ولا يجوز السكوت على من يروج المخدرات، وأيما إنسان ذكراً كان أو أنثى علم بمن يتعاطى المخدرات فسكت عنه فإن سكوته يعتبر معونة على الإثم والعدوان والعياذ بالله، فإن سكت عنه وعظم شره كنت مشاركاً له في الإثم؛ فينبغي التناصح، وقد قيض الله عز وجل رجالاً فيهم الخير الكثير، فقد قفل الله بهم أسباب الشر، وقفل بهم أسباب البلاء، وأسأل الله العظيم أن يعظم لهم الأجر في الدنيا والآخرة، وأن يكلل مساعيهم بالتوفيق والسداد.
إن الوقوف أمام هذا البلاء فرض محتم على كل فرد من أفراد المسلمين كلٌ على قدر استطاعته، فينبغي النصح والتوجيه أولاً، وإذا كان الإنسان قد ردعته النصيحة فالحمد لله، وإذا لم يرتدع فسوط الله بخلقه لا شك أنه سيردعه عن حدود الله ومحارم الله.
الوصية الثالثة من وصايا المرأة المسلمة تجاه هذا البلاء: أن تنصح أخواتها، فإذا رأت أختاً بريئة وقعت في براثن من يروج الحبوب والمخدرات فينبغي نصحها، ولتحاول أن تكون تلك المرأة المشفقة التي تنقذ الغريقة من غرقها، فتأخذ بذلك القلب البريء عن ذلك العناء العظيم، فلعل الله عزوجل أن ينقذ بك أختاً ترفع الكف إلى الله أن يعظم الأجر فيشكر حسنتك، إن الله شكر شربة ماء سقتها بغيٌ من بغايا بني إسرائيل لكلب فشكر الله لها فغفر ذنوب العمر، فكيف بامرأة تنتشل قلباً بريئاً من هذا البلاء العظيم؟! الوصية الرابعة التي ينبغي التواصي بها: الشعور بالمسئولية، وأن الخطر لا يقتصر على متعاطي المخدرات، بل إنه ينتشر عن اليمين والشمال، ويفتك بهذا وذاك.
إن بلاء المخدرات لا يقتصر على من يتعاطاه بل يتعداه إلى غيره، فينبغي الشعور بهذا الخطر، فاليوم إذا سكت الإنسان عن ابن الجار وبنت الجار فلا يأمنن غداً إذا هتكت أستاره ودخل ذلك البلاء إلى أبنائه وبناته والعياذ بالله.
فينبغي الشعور بهذا البلاء وهذا العناء، إن البعيد إذا تعاطى المخدرات لم تأمن أن يقتلك على قارعة الطريق، ولا تأمن أن ينتهك العرض على قارعة الطريق، فينبغي الشعور بهذا الخطر العظيم والبلاء العميم، وألا تكون المرأة أنانية في إحساسها، بل ينبغي أن تنطلق من منطلق الشعور بالمسئولية أمام الله جل جلاله، ولقد أمر الله المؤمنين والمؤمنات بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل خيرية الأمة وهدايتها مقترنة بذلك، فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا للعمل بهذه الوصايا، والله تعالى أعلم.