[أساس قبول الأعمال]
السؤال
ما نصيحة فضيلتكم لمن تعمل الأعمال الصالحة، وتبذل الجهد في الدعوة إلى الله ويشوب إخلاصها لله بعض الشوائب مثل: مضايقتها لبعض المخلصات في العمل معها، أو محاولة إبراز أعمالها للغير وحب الظهور والتسلط؟
الجواب
أولاً: أوصي كل امرأة مؤمنة نذرت نفسها للدعوة إلى الله أن تكون مشعل خير حيثما كانت أو حلت.
وأوصي بأمرين مهمين للداعية إلى الله: أمر بينها وبين الله، وأمر بينها وبين عباد الله: أما الأمر الذي بينها وبين الله: فإخلاص قلبها لله عز وجل، فتتكلم وتنطق لله، وترجو رحمة الله على نور وبصيرة من الله.
إن هذه الكلمات التي تتفوهين بها ترجين بها رحمة الله عز وجل ورضوانه، ليست باليسيرة عند الله، إن اللحظة الواحدة وأنت تذكرين فيها بالله عز وجل لها ثمن عند الله غالٍ، ولها أجر عند الله عظيم {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:١١٤].
لذلك أختي المسلمة احتسبي عند الله كلامك الذي تذكرين به بالله، احتسبي به وجه الله، وارجي به ما عند الله، وإياك والالتفات إلى الأنظار، أو الالتفات إلى حظوظ الدنيا من الشهرة والسمعة، فهو متاع حائل وظل زائل، فاتقين الله عز وجل، فإن الدعوة إلى الله قد اختارها الله واختار أهلها للآخرة، فأهل الدعوة إلى الله هم أولياء الله وصفوته عز وجل من خلقه بعد أنبيائه والعلماء العاملين.
احتسبي عند الله تلك الكلمات التي تذكرين بها، واحتسبي عند الله تلك الكلمات التي تتلفظين بها، فإذا بليت بالرياء أو بطلب السمعة فالله الله بتوبة نصوح، الله الله في إنابة إلى الله، بادري بالرجوع إلى الله ولا تقنطي من رحمة الله، وعودي علَّ الله عز وجل أن يتوب عليك، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
أما الوصية الثانية للداعيات إلى الله: فوصية بالتآلف، وبالتعاون والتكاتف، وبالمحبة والوفاء، وبالإيثار والإخاء.
إن هذه الداعية التي تراها عينك عزيزة عند الله إن هذه الداعية التي تسامتها أقدامك عزيزة عند الله خطاها عزيزة عند الله كلماتها عزيزة عند الله دعوتها.
إنها المرأة التي باعت وقتها لله وفي الله فأحبيها في الله، والله إنا لنسمع ببعض الصالحات الداعيات فنحتقر أنفسنا بجوار ما يبلغنا عنهن من الصلاح، والديانة، والاستقامة، والحرص على الدعوة، فكوني مُجِلَّة لهذه الداعية وأحبيها في الله، حينما تتذكرين تلك العدوة التي لا ترضى بك، ولا تحبك، ولا ترضى بالدنو منك ولا بحياتك، فالله الله في مُحِبَّة لكِ في الله، فإن حصلت منها الزلة وبدرت منها الهفوة فاغفريها لوجه الله، فقد وقع بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وقع ولكن بقيت الدعوة إلى الله وبقيت الهداية إلى سبيل الله ولم يغير ذلك من منهجهم في طاعة الله ومرضاته.
ثم أوصي أخواتي الداعيات إذا حصلت أية نفرة بينهن أن يكون نقاشها في الخلوة، وأن يكون هادفاً، وأن يكون الجميع طالباً لرحمة الله.
الله الله يا معشر الداعيات أن يشمت بالإسلام بسببكن، الله الله في هذا النزاع، وفي هذا الخلاف الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الله، إن الله قرن الفشل والخيبة بالنزاع فقال: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:٤٦] إذا لم تجتمع الداعيات إلى الله فكيف تقف الواحدة أمام النساء تذكرهن بالمحبة والوفاء؟ إذا لم تتألف قلوب الداعيات إلى الله فكيف تأتلف بهن القلوب على طاعة الله؟ الله الله يا معشر الداعيات! لينسى كل خلاف بيننا، ولتنصب قلوبنا وقوالبنا على طاعة الله ومحبته، إننا والله نخشى أن نكون حجر عثرة في سبيل الله وطاعته.
الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكن، فاحتسبن عند الله في الصبر على البلاء، واحتسبن عند الله في البعد عن النزاع والشقاق، ونسأل الله العظيم أن يجمع القلوب على محبته وأن يؤلف الأفئدة على مرضاته، والله تعالى أعلم.