[نصيحة لأقارب الزوجة]
ينبغي في هذا الباب أن نوصي قرابة الزوجة بتسوية الزوجات، فمثلاً لو جاءتك الأخت تشتكي يوماً من الأيام، أو جاءتك البنت تشتكي زوجها في يوم من الأيام، فينبغي أن يكون الإنسان حكيماً حليماً رحيماً، يوسع صدر الزوجة، ويقول لها: إنه زوجك اتقي الله يا فلانة! الأخت والبنت إذا جاءت تشتكي ووجدت من أبيها وأخيها الكلمة الطيبة التي تثبتها غالباً أنها ترضى، ولعل الله أن يجمع شملهم بك، لكن بمجرد أنها تأتي تشتكي وتقول: فعل بي وفعل، وتأتي تغتاب زوجها ولعل الزوج مظلوماً بهذا الكلام، فينبغي أن يصبر الإنسان وأن يتحمل.
أذكر رجلاً من أهل الفضل يحكي لي قصة غريبة لأبي زوجته، يقول: إنه ذات يوم كان رجلاً كريماً رحمة الله عليه، كان من حفاظ القرآن ومن أهل الفضل والأعيان في بلده، كنت أعرفه بالكرم، وقلَّ أن يجلس على غدائه إلا والفقراء عليه، وقلَّ أن يأتي رمضان بساعة الإفطار إلا تجده في الحرم يبحث عن الضعفاء والفقراء حتى يأخذهم إلى بيته -رحمة الله عليه، وأسكنه فسيح جناته- فكان رحيماً بالضعفاء، فجاء يوماً من الأيام ودخل على زوجته لأجل الطعام فوجد الطعام قليلاً، فغضب عليها وضربها حتى كسر يدها من شدة الغضب -كان شديد الغضب وكما يقولون بالعامية: حار، من شدة الحرارة والغضب كسر يدها- فخرجت في الظهيرة تشتكي إلى أبيها، فلما جاءت إلى البيت لم يكن أبوها موجوداً فجلست عند أمها، وجلست تشتكي، فلما دخل أبوها البيت قال: من هذه؟ قالوا: فلانة جاءت تشتكي، فأخذ عصاه وضربها، وما سمع منها شكوى، فقال لها: قومي، لا بيت لك إلا بيت الزوج، فقامت في الظهيرة، تمسك ولدها باليد الثانية، واليد الأولى مكسورة من زوجها، كلما تعبت دفعها من ورائها، يقول الزوج: فما شعرت إلا والباب يقرع بشدة، فهو يقرعه بالعصا، وقد كان يمشى على عصا يتوكأ عليها، فلما قرعه بشدة، يقول: دخلني الرعب أن عمي فلاناً قد جاء، يقول: وتوقعت أنه سيضربني، يقول: فلما فتحت الباب وإذا بالمرأة ومعها طفلها -أكبر أبنائه- قد دفعها إلى داخل البيت، فقال لي: خذ زوجتك، يقول: ما استطعت أن أرفع بصري في وجهه من الخجل، وعدت أنا وزوجتي على خير ما يرام، وما عادت لذلك الفعل بعدها.
ويذكرون عن رجل كان من الصالحين، ومن العباد الأخيار جاءته ابنته تشتكي من زوجها، وتذكر عيوبه، فلم يجبها بشيء، فباتت عنده الليلة الأولى، فلما أصبح جلس يبكي أمامها كالطفل، فقالت له: ما بك يا أبتِ؟! قال لها: -وكانوا في بادية وليسوا في مدينة- إبريق الماء الذي أتوضأ به انكسر بالأمس، فقالت: أحضر إبريقاً آخر، فقال: إبريقي يرى عورتي ولا يحق أن أحضر إبريقاً عليه.
حفظ الحق بجماد، كأنه يقول لها: ما حفظتِ حق زوجك، وأنا حفظت حق جماد، فانكسرت عينها وأخذت عباءتها ورجعت إلى بيت زوجها، فهذا من أمور التربية.
ويخبرون عن رجل آخر أنه جاءته ابنته تشتكي من زوجها، فقال لها: أنت في كرامة وعزة، فقال لزوجته: إياك أن تغسلي الثياب، وإياك أن تطبخي الطعام، وفي اليوم الأول قال لابنته: نريد أن نأكل من يدك فطبخت، وقال لها: نريد أن تغسلي لنا الثياب بيدك الطيبة فغسلت، وفي اليوم الثاني عمل معها كما عمل في اليوم الأول وكذلك في اليوم الثالث، في اليوم الرابع فرت البنت إلى بيت زوجها.
لو أن الرجل ذهب -بمجرد ما جاءته ابنته تصيح- إلى زوجها وجلس يسبه ويشتمه، ثم يقال الكلام الذي لا ينبغي أن يقال، وتفضح العورات، ونشتكي ونفعل بك وأنت ما فيك خير، هذا كلام أهل السفلة، وكلام الذين لا خلاق لهم، أما أهل العقل والحكمة، فإنهم يعالجون الأمور بالتي هي أحسن، ويجمعون ولا يفرقون، ويؤلفون ولا يباعدون.
نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، ونسأله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالبيوت التي ترضينا عنه، ويهبنا وإياكم قولاً سديداً وعملاً صالحاً رشيداً.
وأختم هذه الكلمة بما بدأنا به: اللهم بارك لأهل هذا الجمع في جمعهم، اللهم بارك لكلا الزوجين في زواجهما، اللهم بارك لهما وعليهما واجمع بينهما في خير، وارزقهما ذرية صالحة تقر بها الأعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.