فأول ما يفكر فيه الشاب الملتزم في أي قضية تمس دينه، وأي مسألة تنزل به أن يفكر في طاعة الله عز وجل، أن يسأل ماذا قال الله؟! وماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! هذه القضية الأولى، إذا جاءك أي قول فاعرضه على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعد ذلك التزم حكم الله ولو كان بخلاف ما تهوى، قال الله تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:٦٥] أهل الإيمان من صفاتهم التسليم للرحمن وأهل الإيمان من صفاتهم الانقياد لكلام الديان هذا هو الإيمان الحق، والله إذا نظر الله عز وجل إليك في الفتن والمحن لا تبتغي سبيلاً غير سبيله، ولا طريقاً غير طريقه أحبّك وأدناك، واصطفاك واجتباك، وأنقذك من شرور هذه الفتن والمحن، ولذلك يقول بعض العلماء: إن الله عز وجل أخبر عن الفتن على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن أخبر بعلاجها حينما أمر الصحابة بالاعتصام بالكتاب والسنة.
وفي الحديث الصحيح -حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه وأرضاه- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب الصحابة، وكانت خطبة بليغة، وموعظة عظيمة، حتى أن العرباض رضي الله عنه قال:(وعظنا موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت من العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا) قال: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) فأول ما يفكر فيه الإنسان الملتزم الحق إذا جاءته فتنة أن لا يقيم الفتن بالرجال، ولا يقيمها بالقيل والقال، ولكن يقيِّمها بكتاب الله وسنة المهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقيِّمها حينما يسمع الأقوال والأفعال، ويزنها بهذا الميزان، ولذلك لا نجاة إلا لأصحاب هذا الخلق المبارك، خلق الرجوع إلى الكتاب والسنة، وهذه منحة من الله لا يشرح لها كل صدر، ولكن يشرح لها عباده الصالحين الصادقين في الإيمان، الصادقين في العبودية للرحمن، وخير ما يوصى به المؤمن في خضم هذه الفتن والمحن أن يعف لسانه، وسمعه وبصره، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(تكون فتنة، النائم فيها خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي) فتن تهز القلوب، قد تخرج منك كلمة توجب دمار الحياة، وتنتهي بالإنسان إلى الدمار والشقاء، في خضم الفتن لا تأمن أن تخرج منك كلمة في إخوان لك في الدين، أو تخرج منك عبارة يضل بها أقوام، أو تشهد على أناس بشهادة تُغل بها عنقك بين يدي الله عز وجل:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}[الزخرف:١٩] فالله الله في الفتن!