وأحوج الناس إلى الرحمة هم العصاة والمذنبون، ولكنهم يحتاجون إلى رحمة التوجيه والهداية لطاعة الله، فإن الإسلام رحمة، والهداية والالتزام رحمة، وهناك أممٌ تنتظر منك أن تدلهم عليها، وأن تهديهم بإذن الله إليها، وأن تأخذ بمجامع قلوبهم إلى الله، فتحببهم في طاعة الله ومرضاته، قال صلى الله عليه وسلم:(أنا رحمة مهداة).
هذا الالتزام وهذه الاستقامة وهذه الهداية رحمة منحها الله لك، فإذا أردت أن ترحم بها عباده رحمك الله عز وجل، وبارك لك فيها، فما دعيت إلى هدىً إلا كان لك أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيء.
الرحمة أفضل ما تكون بالدلالة على الخير، فكم من أناس هدوا إلى سواء السبيل، ودلوا إلى المَعلَم والدليل فأصابوا رحمة الله العظيم الجليل.
والعصاة والمذنبون وإن أذنبوا وأخطئوا لكنهم ينتظرون الكلمة وينتظرون التوجيه والله يعينك ويسددك ويلهمك ويوفقك، ومن كان لله كان الله له، فقد تتكلم بالكلمة داعياً إلى رحمة الله، يكتب الله بها رضوانه إلى يوم أن يلقاه، قال صلى الله عليه وسلم:(إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه) قد تمر على العاصي، وهو في غفلته وشهوته وسكرته فتوقظه من الغفلة وتنبهه من المنام، وتأخذ بمجامع قلبه إلى الله، فتقول له: اتقِ الله، واعلم أنك صائرٌ إلى الله، وأن الله سائلك ومحاسبك ومجازيك، فترعد فرائصه من خشية الله، وقد تخرج منك لا تلقي لها بالاً ويكتب الله عز وجل بها رضوانه.