للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الابتعاد عن الوالدين لطلب الرزق]

السؤال

أنا شاب أعمل في جدة ومعي زوجتي وأولادي، ولكن والدي يعيشان في قرية بمفرديهما، فهل أنا عاق لهما بأني هنا وهم هناك، علماً بأني قد حاولت معهم أن يسكنا معي ولكن رفضا، وأنا أزورهما كل شهر مرة، أرشدني وفقك الله للخير؟

الجواب

هذه المسألة فيها تفصيل: إذا كان الوالدان في الموضع الذي هما فيه؛ فيه عمل ويتيسر لك فيه العمل ووجود الوظيفة فإنه ينبغي عليك القرب من الوالدين، وأن تكون بجوارهم وفي البلد الذي فيه الوالدان، قال: (يا رسول الله! أقبلت أبايعك على الجهاد، قال: أحي والداك؟ قال: نعم.

قال: ففيهما فجاهد) فلا يجوز للإنسان أن يتسبب في البعد عن والديه دون حاجة، وقد انعقد قول جماهير العلماء بل حكى بعض العلماء الإجماع على أنه لا يجوز السفر في النوافل إلا بعد استئذان الوالدين، لو أردت أن تخرج إلى عمرة نافلة والوالدان في البلد لا يجوز أن تخرج إلا بعد استئذانهما.

من عظيم حقهما قال: (ارجع إلى والديك فإن أذنا لك فجاهد، وإن لم يأذنا لك فالزمهما) أي: كن معهما، فهذا يدل على حق الوالدين في القرب، والله يقول: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:١٥] أمر بالمصاحبة وأن تكون المصاحبة على وجه المعروف لا على وجه الإساءة، فالبعد عن الوالدين فيه عدة أضرار منها أن الوالدين لو احتاجا -خاصة إذا لم يكن لهما غيره- فمن يسألا ومن يطلبا بعد الله عز وجل، وقد يحتاجا إلى سؤال الغريب وقد يحتاجا إلى الخروج، وقد يصيبهما السقم والمرض، فاتق الله في الوالدين خاصة بعد كبرهما وضعفهما وحاجتهما إليك.

الأمر الثاني: إذا كان المكان الذي فيه الوالدان لا يتيسر فيه العمل فحينئذٍ تستأذنهما في الخروج، وتخبرهما بأنك خارج لطلب المعيشة، وترضيهما وتأخذ بإذنهما، فإن ذلك مما ييسر الله عز وجل به أمرك، قال بعض العلماء: إذا وجد عملاً بديل في نفس الموضع الذي فيه الوالدان لم يحل له الخروج ووجب عليه البقاء؛ لأنه يبحث عن طلب الرزق وقد تيسر له الرزق في الموضع الذي فيه الوالدان، فحرم عليه أن يعقهما بالخروج دون حاجة، هذا بالنسبة لقضية خروجك عن الوالدين.

وأما قضية أنك حاولت فهذا شيء تؤجر عليه من الله عز وجل، وكونهما امتنعا يوجب عليك أن تنظر في المسألة على التفصيل الذي ذكرناه، فتكون قريباً من الوالدين وتقوم بحقهما على الوجه المعروف، والله تعالى أعلم.