أيها الحبيب: لابد في هذه الحياة من مجاهدة النفس، فالنفس أمارة بالسوء، وقد تغر الإنسان هذه الحياة الدنيا ومتاعها وزخارفها، فالله يحذرنا من هذه الدنيا:{اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}[لقمان:٣٣].
الله سبحانه وتعالى يحاسبك ويستنطقك عما قدمت من أعمال في هذه الدنيا، فحذار -أيها الحبيب- هذا اليوم الذي قال الله جل وعلا فيه:{فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}[عبس:٣٣ - ٣٨].
أيها الأخ الكريم:{فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ}[عبس:٣٣] هذا اليوم الذي يفر فيه القريب من قريبه، والابن من أبيه، والأم من ابنها، كلٌ منهم همه نفسه وهمه حاله؛ لأنهم في يوم رهيب عصيب.
إذاً أيها الأخ الكريم: احذر ذلك اليوم، واعرف ما ينبغي عليك أن تؤديه في هذه الحياة الدنيا من عمل صالح يرضاه ربك وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن فعلنا ذلك أنجحنا وأفلحنا وفزنا في حياتنا الدنيوية، وفي حياتنا البرزخية وفي حياتنا الأخروية، ذلك اليوم الذي يفر الابن من أبيه، يقول الأب في ذلك اليوم لابنه: حسنة يا بني، فيقول الابن: يا أبتِ إني بحاجة إلى هذه الحسنة، كلٌ همه نفسه في ذلك اليوم، وتقول الأم لابنها: حسنة يا بني طالما كان حضني لك وقاء، وصدري لك سقاء، وحجري لك وطاء فحسنة يا بني، فيقول الابن: إنني يا أماه أشكو مما تشكين منه.