للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الاستشهاد بآيات القرآن على مواقف محدودة]

السؤال

فضيلة الشيخ، ما حكم القذف بالآيات؟ مثلاً: يكذب إنسان على آخر، فيقال له: قال تعالى: {أَلا لَعْنَتُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:٦١] فما حكم ذلك أثابكم الله؟

الجواب

أما بالنسبة للعنة الله لمن كذب، فإن المراد به ما بعد الآية: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} [الأعراف:٤٥] ولذلك المراد به الكذب على الله بأن له صاحباً وشريكاً؛ أي: الكذب بالكفر، ولذلك الكافرون هم الكاذبون؛ لأنهم ادعوا أن مع الله آلهة، وأن مع الله شريكاً، تعالى الله عما يقولون علواً عظيماً.

فاللعنة للكاذبين مبنية على هذا الوجه، أما إنسان زلت به الكلمة، ويقول له الإنسان: ألا لعنة الله على الكاذبين، فهذا لا يجوز؛ لأنه فيه تعجل وتسرع في أذية المؤمنين باللعن.

والسبب في ذلك أنه ربما أخبرك أخوك بأمر يظنه أنه كما أخبر، ثم يتبين أن ظنه خاطئٌ وليس بصواب، فإذا عاجلته باللعنة رجعت إليك اللعنة والعياذ بالله، ولذلك ورد أنّ اللعنة إذا خرجت من فم صاحبها صعدت إلى السماء فغلقت دونها، ثم إلى الأرض فغلقت دونها، ثم ذهبت إلى من لُعن فإن كان مستحقاً للعن أصابته والعياذ بالله، وإن كان غير مستحق رجعت إلى صاحبها الذي ذكرها والعياذ بالله، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة).

فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من اللعن، وأشد من ذلك أن يعرض بالآيات الكريمة، إلا في مواضع مخصوصة، إذا كان يستشهد فيها بالقرآن بلعن الذين كفروا، أو ذكر بعض مثالبهم ومعايبهم فلا حرج، وهذا شأن العلماء، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صدق الله وكذب بطن أخيك) فلا حرج أن الإنسان يستشهد ببعض الآيات عند وجود ما يقتضيها أو يتناسب معها، والله تعالى أعلم.