أما الأمر الثالث الذي ينبغي على الصائم أن يستلهمه: فوصية نبوية تذكر بحق هذه العبادة الجليلة تذكر القلوب الصادقة المؤمنة التي تعرف العبادة الخالصة لوجه الله عز وجل، وصية نبوية تعرفنا بحقيقة هذه العبادة الجليلة، وتذكرنا بما ينبغي أن يكون عليه الصائم في صيامه: يقول عليه الصلاة والسلام كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم! إني صائم! إني صائم!).
يذكرنا عليه الصلاة والسلام بأن الصيام لا يقف عند الإمساك عن الشراب والطعام فحسب، بل هناك صيام بالإحجام عن الكلام الذي لا يرضي الملك العلام، فإذا جاءت بواعث الشرور وحرّكها أهلها في موقف من المواقف، وأنت قد جعت لوجه الله وظمئت لوجهه في يوم صيامك، فحرّك تلك الأشجان من نفسك غضب تريد أن تنتقم به بكلامٍ لا يرضي الله تذكر وذكَّر النفس بما أنت فيه من هذه العبادة الجليلة، وقل: إني صائم! إني صائم، فالصائم ليس خليقاً به أن يرتكب لغط الكلام أو رفثه الذي لا يرضي الله عز وجل.
قال بعض العلماء: ليقل إني صائم بصوت يسمعه من يخاطبه، وقيل: فليقل إني صائم في قرارة قلبه؛ حتى يكبح جماح نفسه عن أن تقول الخنا أو تسترسل مع أهل الشرور والغي والهوى، فليذكر العبد نفسه بالصيام إذا انبعثت أسباب الشرور.