هذا الحق الذي أوجبه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث أوجبه على المرأة فأخبر كما في الصحيحين (أن المرأة إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت باتت الملائكة تلعنها في السماء)، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(أيما امرأة دعاها زوجها فامتنعت سخط عليها الذي في السماء حتى يرضى عنها)؛ لأن هذه الرواية أشد من الرواية الأولى، الرواية الأولى:(باتت الملائكة تلعنها حتى تصبح) وأما الرواية الثانية: (كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها) أي: لو بقي الزوج في نفسه على المرأة متألماً من ذلك الامتناع في تلك الليلة حافظاً له، لا يزال الله ساخطاً على تلك المرأة حتى يرضى ذلك الزوج.
ومن النساء من آذت زوجها وامتنعت عليه في الفراش في إحدى الليالي، وشاء الله أن يتوفى زوجها في حادثة في تلك الليلة، فباتت قد سخط عليها ولعنت من السماء، فالله الله في حقوق الفراش! وكذلك على الزوج حق لزوجه، ولذلك قرر العلماء رحمهم الله: أن على الرجل أن يصيب المرأة في كل أربعة ليال، وهذا أشار إليه العلماء رحمهم الله، واستنبطوه من دليل الكتاب، فإن الله أباح للرجل أربعة نساء، وهذا يدل على أن للمرأة ليلة من بين تلك الليالي، فإن كان الرجل عابداً قانتاً فليؤد حق الله وحق أهله، فلا يترك الفرائض التي أوجبها الله لنوافل لم يوجبها الله عليه.
ولذلك ورد عن عمر رضي الله عنه [أنه جاءته امرأة، فقالت: يا أمير المؤمنين! زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، فقال لها رضي الله عنها: هنيئاً لكِ! نعم الرجل، فمضت المرأة ثم رجعت، فقالت: يا أمير المؤمنين! زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فقال لها: هنيئاً لكِ! نعم الرجل، فمضت المرأة ثم رجعت، فقالت: يا أمير المؤمنين! زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، فقال أبي -وفي رواية علي -: يا أمير المؤمنين! إن المرأة تشتكي زوجها، فقال عمر رضي الله عنها: أما وقد علمت فلا يقضي بينهما غيرك، فطُلب الزوج فجاء، فقالت المرأة: ألهى خليلي عن فراشي مسجد وليله نهاره ما يرقد ولست في أمر النساء أحمده انظر إلى البلاغة والأدب حتى في تعاطي الألفاظ، فقال ذلك الرجل المدعى عليه: زهدني في فرشها ما قد نزل في سورة النحل وفي السبع الطول إني امرؤ قد رابني وجل زهدتني تلك السبع الطوال من كتاب الله عز وجل، حتى عفت فراشها، وخفت من لقاء الله، فهان عليَّ أن أصيبها، فلما قال ذلك، قال أبي أو علي: إن لها عليك حقاً يا رجل تصيبها في أربع لمن عقل فالزم بذا ودع عنك العلل] والمقصود أنه من حق المرأة على الرجل أن يعفها عن الحرام خاصة في هذا الزمان الذي عظمت فيه الفتن والمحن، إذ تحتاج المرأة إلى شيء هو من جبلتها وخلقتها، ويحتاج الرجل إلى شيء هو من جبلته وخلقته، والمقصود من الزواج الإعفاف، وأن يحصن الإنسان فرجه، ولذلك لا يجوز لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر فراشه بغير حق، وما من إنسان يقصر في حق زوجه في الفراش فيكون ذلك التقصير سبباً في وقوعها في الحرام إلا لقي الله بإثمها ووزرها، وما من امرأة تؤذي زوجها في فراشه، وتمنعه من مبيته، وتؤذيه حتى يقع في الحرام، إلا لقت الله بوزره! فالله الله! إنها الحقوق التي لا يجامل فيها! فإن الله ذكر الفراش للنساء في آية من كتابه، فذكر الثلاث العورات، {قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ}[النور:٥٨] أنزلها آيات تتلى في كتابه سبحانه وتعالى.
فالإسلام دين العبادة والزهادة والخشوع والخضوع، وكذلك دين العفة والحصانة، ودين أعطى لكل شيء حقه وقدره، فليس من حق الرجل أن يحبس المرأة ثم يأتي في آخر الليل تعباناً سهراناً كسلاً خاملاً فيرتمي على الفراش مضيعاً حق زوجه، خاصة إذا كانت في عز شبابها