[الخوف والرجاء مطلبان للمؤمن لابد من الجمع بينهما]
السؤال
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنه يغلب عليَّ جانب الرجاء على جانب الخوف، وإذا راجعت نفسي على هذا الخلل أقول لنفسي: إني خيرٌ من كثير من الناس، فما توجيه سماحتكم؟
الجواب
الله المستعان، أنت على خير، فهل صمت النهار وقمت الليل وبلغت ما بلغه الصالحون الذين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون؟! أخي في الله: انظر في الطاعات إلى من هو أكثر منك، ولا تنظر إلى من هو دونك، فإذا نظرت إلى من هو أكثر منك احتقرت نفسك وأخذت بأسباب بلوغ الكمال، أما تعظيم الرجاء؛ فإنه لا ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك وهو على خطر عظيم، فإن تغليب الرجاء أمنٌ من مكر الله، ولا ينبغي للمسلم أن يكون على هذه الحالة، وكذلك تغليب الخوف قنوطٌ من رحمة الله، ولا ينبغي للمسلم -أيضاً- أن يكون على هذه الحالة، بل ينبغي له أن يجمع بين الأمرين: خوفٌ من الله ورجاءٌ في رحمة الله، وقال العلماء: هما جناحا السلامة لمن يطير إلى رحمة الله جل وعلا، ولذلك ذكر الله أهل الجنة بهاتين الصفتين -يدعوننا خوفاً وطمعاً- فقال تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً}[الأنبياء:٩٠]، وقال تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً}[السجدة:١٦]{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر:٩].
فينبغي الجمع بين هذين الأمرين، وكون الإنسان يقول: إني أُغلِّب جانب الرجاء والله حليم رحيم، لا يأمن أن يقع في حدود الله عز وجل، وكون الإنسان يقول: الله شديد البطش عظيم القوة عظيم السلطان، لربما أهلكني وأنا مقصر في ذنوبي وما كان مني تجاه ربي لربما غلب عليه فيأس وقنط من رحمة الله عز وجل، والعياذ بالله.
فينبغي أن تجمع بين الأمرين كما جمع بينهما أصحاب نبيك عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم أجمعين فإن جمعت بينهما سعدت وأفلحت ونجحت وكنت على هدي السلف الصالح، والله تعالى أعلم.