كذلك تحتاج الموعظة إلى كلمة صالحة صادقة مؤثرة، كالقول البليغ الذي يحكم الوالد اختياره؛ المهذب الذي لا يجرح القلوب ولا يؤثر في النفوس ولا ينفر في الدعوة، هذا الذي ينتظره ابنك وتنتظره ابنتك، فإذا رأيت الابن أو البنت مخطئاً، فعليك -رحمك الله- بالقول الكريم والموعظة الحسنة والكلمة المؤثرة استجابة لقوله تعالى:{وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}[النساء:٦٣]، فالقول البليغ والموعظة البليغة مؤثرة في النفوس؛ ولذلك كان رسول الأمة صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الخلق بياناً وأحسنهم كلاماً؛ فإذا وعظ الموعظة أثر في القلوب، قال العرباض بن سارية رضي الله عنه وأرضاه:(وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا)، فكانت مواعظه عليه الصلاة والسلام منتقاة، فعلى الوالد والوالدة أن يحرصا على عدم جرح المشاعر، فلا ينبغي تنفير الأبناء والبنات من الطاعة والدين، ولا ينبغي إذا أردنا أن ننصح أو نعظ أن ننفر أبناءنا وبناتنا من الخير والبِر، بل علينا -إذا رأيناهم أخطئوا- أن نقول الكلمة التي تقع في النفوس موقعاً بليغاً.
والدٌ يقول لولده أخطأ: يا بني! والله إنك أعز في قلبي من أن تقول هذه الكلمة التي لا ينبغي لمثلك أن يقولها، تصور يبكى الابن مباشرة، ويقول: يا أبتي! سامحني.
ووالد يقول لولده-أعاذنا الله وإياكم-: أيها السخيف! يا من لا تستحي! فنفر الابن وصد عن موعظته، فالله الله أن تكون حجر عثرة بين أبنائك وبين رحمة الله وتذكر وأنت تعظ، وتذكري -أيتها الأم الصالحة- وأنت تعظي أبناءك، وبناتك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا) تذكروا -يا معاشر الآباء والأمهات- أن الدين رحمة وأن الإسلام رحمة، وأنه نور وهدى، تهدى به القلوب في الكلمات، وتهدى به القلوب في العبارات، لا تجرحوا به المشاعر، فقد كان رسول الأمة صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد الموعظة؛ لا ينفر من موعظته، ولا ينفر من قوله وهديه وسمته، فما أحوجنا إلى أن نتأسى به صلوات الله وسلامه عليه.
كم من أبناء وبنات قرت عيونهم بالصلاح والاستقامة والفلاح بالمواعظ التي اشتملت على الكلمات الرقيقة المهذبة، والعكس بالعكس، فكم من قلوب نفرت، وكم من أبناء وبنات وذريّات صدّت بسبب الكلمات الجارحة، فليتق الله الآباء والأمهات في هذه المواعظ وفيما يختار لها.