للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية نصح الوالدين وإرشادهم بالتي هي أحسن]

السؤال

ورد في السؤال السابق كيف يرشد والده إلى ترك هذا المنكر ووردت أسئلة كثيرة في الطريقة السديدة في نصح الوالدين وإرشادهم بالتي هي أحسن؟

الجواب

أولاً: لا تذكر والديك إلا وأنت مخلص لوجه الله عز وجل، فلا تذكره حمية وتقول هو يشرب المخدرات ويفضحنا ونريد أن نكتفي عار الفضيحة، تذكره وليس في قلبك إلا الله، فإن الكلمة إذا خرجت من القلب استقرت في القلب، والكلمات الصادقات أبى الله إلا أن يجعلها في القلوب، فاصدق مع الله عز وجل بالإخلاص.

الأمر الثاني: أن تنظر إلى أفضل الأوقات التي يكون الوالد فيها مرتاح البال مستجم النفس خالياً.

الأمر الثالث: تقدم عليه في أفضل الأوقات وأنت تحس كأنك أمام غريق يريد الموت، وتحس أنك أمام إنسان عظيم الحق والقدر عليك، فتقدم عليه ولسانك يلهج بأن يشرح الله صدره وأن ييسر لك الأمر في نصحه، فتسأل الله العظيم أن يفتح لك قلبه فإن مفاتيح القلوب بيد الله جل جلاله، فاسأل الله أن يهديه، فإذا جلست معه فخذ بالكلام الطيب والموعظة الحسنة والقول الكريم وقل: يا أبت! إن الذي تفعله لا يرضي الله، إن الذي تفعله يسخط الله، يا أبت! إني أخاف عليك عذاب الله، يا أبت! إني أخاف أن يمكر الله بك، يا أبت! يا أبت وقل ذلك وقلبك يحترق عل الله عز وجل أن يشرح صدره بموعظتك.

فإن نبي الله إبراهيم ينادي أباه وهو على الشرك يقول له: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} [مريم:٤٢] لم تعبد؟ ينكر عليه ذلك الأمر، حتى إذا رد عليه أبوه رداً غليظاً قال: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً} [مريم:٤٦] قال بعض المفسرين: (ملياً) إلى الأبد لا تكلمني، هل قال له فعل الله بك وفعل، أنت ما فيك خير أنت ما تقبل النصيحة أبداً، قال: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} [مريم:٤٧] فقابل كل ما يكون من الوالد بكل حنان وبكل ذلة كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:٢٤] اخفض له جناح الذل، فوالله إذا شعر الوالد أنك مشفق عليه فإن ذلك يؤثر فيه، وذلك له أثر عظيم على قلبه، فاصدق مع الله عل الله عز وجل أن يشرح صدره.

الوصية الأخيرة: إذا لم يفتح الله قلب الوالد لك فاطلب من يؤثر على الوالد من القرابة ومن غير القرابة كإمام الحي ونحوهم من أهل الفضل وأهل العلم والصلاح، وبث لهم ما تراه على الوالد من الأخطاء عل الله أن يوفقهم لنصيحة تؤثر فيه، والله تعالى أعلم.