للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم شرب الدخان والصلاة خلف من يشربه]

السؤال

تقول الأخت السائلة: شرب الدخان والسجائر هل يجوز؟ وهل يجوز الصلاة وراء إمام يشرب الدخان؟ وما هو الدليل الشرعي في القرآن والسنة على التحريم؟ وما رأي فضيلتكم فيمن يبيعه في المحلات؟

الجواب

أما بالنسبة لشرب الدخان فهو محرم، ودليل تحريمه من وجهين: الوجه الأول: أن الله تعالى وصف نبيه بقوله: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:١٥٧] والخبائث: جمع خبيث، والدخان خبيث وليس من الطيبات.

أما الدليل الثاني على تحريمه: فوجود الضرر فيه، فإن العلماء رحمهم الله يقولون: إن الشريعة جاءت بجلب المصالح ودفع المفاسد، ودفعت عن الناس أفراداً وجماعات مفاسد الدين والدنيا والآخرة، فهذا الدخان يفسد الإنسان فيؤذيه في قلبه، ويؤذيه في رئته وفي تنفسه، ويؤذيه ويؤذي من شم رائحته؛ وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان، فلو أنه لم ترد آية في كتاب الله بتحريم الدخان ووجدت هذه الدلائل لكانت كافية في تحريمه؛ لأن وجود الضرر فيه يشعر بحرمته؛ لأن الله لا يحل ما فيه ضرر على الناس، ولذلك لو لم تدل الآية على تحريمه لدل وجود الضرر فيه على حرمته فلا يجوز شربه.

وأما الصلاة وراء إمام يشرب السجائر فالإمامة منصب شريف، ومقام عظيم منيف؛ ينبغي أن يتقلده الأخيار الذين يخافون الله جل جلاله وتكون فيهم القدوة الحسنة، والسيرة المرضية، والسريرة السوية، ينبغي أن يكون الإمام صالح العقيدة صالح الظاهر، مستقيماً على هدي الكتاب والسنة، وإذا تقلد الإمامة الأخيار انتشر الخير، وعظم النفع للناس في دينهم ودنياهم وآخرتهم، فلا يجوز للناس أن يقدموا إنساناً يعلمون أنه شارب دخان، ولكن لو تقدم وهو يشرب الدخان فالصلاة صحيحة، ولا يضر الإنسان إذا صلى وراء من يشرب الدخان؛ لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصلون لكم -يعني: الأئمة- فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم) أي: لكم صلاتكم كاملة وعليهم خطؤهم، فلا تزر وازرة وزر أخرى.

وأما السؤال أو النقطة الثالثة من السؤال: من يبيعه في المحلات؛ كل شيء يضر الناس في دينهم ودنياهم وآخرتهم لا يجوز تعاطي الأسباب لنشره، ومن يتعاطى السبب في نشره فإنه يأثم على قدر ما يكون من ضرره، ولا شك أن بيعه محرم، ومن باعه فإنه يأثم، ولو أن هذه السيجارة بيعت فكانت سبباً في سكتةٍ قلبية لعبد حمل -والعياذ بالله- إثمها.

وهكذا لو كانت سبباً في مرضه أو سقمه، فمن باع الخير يجني الخير من بيعه، ومن باع الشر يجني الشر من بيعه.

وأما السؤال أو الجزئية الأخيرة: ما رأيكم فيمن يبيح شرب الحشيش على أساس أنه غير مسكر ولا يوجد تحريم عليه؟ قال بعض العلماء: من استحل الحشيش فإنه يعتبر كافراً -والعياذ بالله- الحشيش محرمة باتفاق المسلمين، وقد نقل الإجماع على ذلك الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، وكذلك نقله الحافظ ابن حجر الهيتمي في الزواجر، وأشار العلماء رحمهم الله إلى حرمته ودخولها في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر، وللإمام الزركشي رحمه الله رسالة قيمة زهرة العريش في تحريم الحشيش ذكر فيها أكثر من مائة مفسدة دينية ودنيوية وأخروية في الحشيش، فلا يجوز للإنسان أن يقول بحلها، ومن أحلها فالله الموعد، وسيحمل وزر من تعاطاها، والله تعالى أعلم.