[ضرورة عدم إظهار الخصومات التي تقع بين الزوجين أمام الأبناء]
السؤال
صارت بين زوجٍ وزوجةٍ خصومةٌ أدَّت إلى تَفارُقِ الزوجين دون طلاق، وتَهاجُرِهِما، وتضرَّرَ من ذلك البنون والبنات، علماً بأن هذه الزوجة كانت تحاول جاهدة أن تبر زوجها؛ لكنها لم تُطق يا فضيلة الشيخ، فما نصيحتك؟ وما موعظتك لهذه الأم؟ عسى الله أن ينفعها بها!
الجواب
على الأم أن تتقي الله، وأن تحتسب الأجر عند الله في الصبر على أذية زوجها وبَعلها؛ خاصة إذا كان عندها أولاد، وكان لها منه أبناء وبنات؛ فإنه ينبغي عليها أن تتحمل الأذى، وأن تصبر على ما يكون من البلوى، فإن الله يأجرها على حسن هذه النية، ولو كان الأمر فيه ما فيه من الأذية والمهانة فإن الله يكرمها، ويعوضها ويخلف عليها، ويأجرها، فهذه من الأمور التي ينبغي أن تُوصَى بها المؤمنة إذا بُلِيت بالزوج وأذيته مع وجود الولد.
إن هَدْمَ البيوت وتَفَرُّقَ الأزواج والزوجات على حساب الأبناء والبنات يخَلِّف من التبعات والعواقب -التي لا يعلمها إلا الله- الشيء الكثير.
فينبغي على الأب والأم أن يفكر كلٌّ منهما فيما تجنيه التصرفات والأفعال التي بينهما، فإن قلوب الأبناء والبنات تتفطر حزناً حينما ترى تَنَكُّدَ الحياةِ في وجه الأب والأم، وكم من أبناء وبنات فقدوا حتى عقولهم بسبب أذية الآباء والأمهات لهم بالعبارات القاسية، وبتلك المعاملات الغليظة التي تكون من الزوج لزوجته أو من الزوجة لزوجها! ويقف الابن حائراً تائهاً لا يدري أأبوه المصيب ومعه الحق، أم أمه المصيبة؟! أأبوه المخطئ أم أمه المخطئة؟! فيعيش في حياة الهم والغم من صباه ومن صغره، حتى ربما يفقد تفكيره وشعوره.
فمن الذي يحمل هذه المسئولية؟! ومن الذي يحمل إثم هذه الهموم والغموم غير الأب والأم؟! فينبغي على الأب والأم أن يكونا بعيدَي النظر، وأن يتقيا الله جل وعلا في الأولاد، وأن يرحما هذه القلوب الضعيفة، فإن الله سمى الأولاد والبنات ذرية ضعيفة، ووصفهم بالضعف؛ لأنهم لا حول لهم ولا قوة، وأفكارهم وعقولهم صغيرة، فإذا فُجِعَت هذه العقول الصغيرة البريئة بالخصام والشجار والكلمات القاسية تَعَذَّبت وتألَّمت، خاصة إذا كان الابن قوي الإحساس، وكانت البنت قوية الإحساس ضعيفة المشاعر؛ فإن هذه كلها أمور تكون لها من العواقب أشياءٌ كثيرةٌ.
فليتقِ الله الآباء، ولتتقِ الله الأمهات.
إن مشاكل الزوجين ينبغي أن تكون بمنأىً وبُعْدٍ عن الأبناء والبنات، وينبغي أن تكون في خلوتهما وفي حال انفرادهما، لا تَسْمَع بها أذُن، ولا تنظر إليها عين، ولا ينبغي للأب -خاصة بعض الآباء- إذا كبر سنه وشاب أن يسيء المعاملة للزوجة أمام أبنائها وبناتها، ويهينها ويذلها، حتى إن بعض الأبناء والبنات يتعلم -والعياذ بالله- ويأخذ من أبيه إهانة أمه.
كذلك بعض الزوجات إذا شاب زوجها وكبر وضعف أساءت إليه، وآذته، وفتحت له أبواب المشاكل، فيتعلم الأبناء والبنات منها -والعياذ بالله- العقوق، وإهانة الأب عند المشيب والكبر، والله المستعان مِن يومٍ يشيب فيه الوِلدان، يومَ تُنْصَب الموازين، وتُنْشَر الدواوين، لكي يُؤْخذ كل إنسان بقوله وعمله! الله المستعان على ذلك اليوم العظيم الذي ينصف الله عز وجل فيه الظالم والمظلوم، والبائس والمحروم! فليتقِ الله الآباء والأمهات في حقوق الأبناء والبنات من عدم إساءة بعضهم إلى بعض بمحضر الأبناء والبنات، ونسأل الله العظيم أن يعصمنا من الزلل.