حري بطالب العلم أن يجد ويجتهد، ولا يسأم ولا يمل من حمل هذه الرسالة، وضبط هذه الأمانة، والعناية بالعلم حفظاً ومراجعة ومذاكرة؛ كل ذلك لكي يعظم أجره، ويثقل ميزانه، فأعظم الناس أجراً في طلب العلم أعظمهم تعباً، وأكثرهم مشقة ونصباً، وقرن الله العلم بالتعب، وجعل أهله أهل جد واجتهاد، فما نظر طالب علم في سيرة العلماء والأئمة الفضلاء إلا وجدهم قد اكتحلوا السهر، وجدوا واجتهدوا في طلب هذا العلم حتى نالوا بفضل الله وحده ما نالوه من الخير والبركة.
إن الجد والاجتهاد في العلم يعني المسئولية، والشعور بالمسئولية يعني إكرام العلم، والمحبة الصادقة له، لا يجد ولا يجتهد في مراجعة العلم وضبطه وإتقانه إلا الأمين، الذي يستشعر أنه مؤتمن -من أمة محمد صلى الله عليه وسلم- على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالعلم لا ينال بالتشهي ولا بالتمني، ولا بالدعاوى العريضة، ولا بالألقاب الفارغة، إنما هو منحة لها أسباب بفضل الله لا بفضل أحد سواه، الجد والاجتهاد لا يمكن أن يكون إلا من إنسان استشعر المسئولية والأمانة، واستشعر أن العلم ثقيل كما قال تعالى:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل:٥].