النقطة الثالثة التي ينبغي للإنسان أن يحرص عليها، بعد أن وفقه الله جل جلاله للإخلاص لوجهه والعمل بهذا العلم، بعد شكره سبحانه وتعالى: أن يحرص على دعوة الناس إلى العلم أن يحرص على تبليغ رسالة الله، وأداء أمانة الله، امتثالاً لما أوجب الله.
فإذا أردت أن ترى من بارك الله له في علمه، ووفقه وسدده للقيام بحقه، فانظر إلى الذي لا يفتر ولا ينصب في تبليغ رسالة الله، وإقامة حجة الله على عباد الله، هذه هي الخيرية التي شهد الله بها لأوليائه المؤمنين، أن يدعوا إلى طاعته، ويحببوا في مرضاته، فيأمرون بأمره، وينهون عما نهى الله جل جلاله، فإذا بلغ الإنسان هذه المرتبة أحبه الله سبحانه، وقذف في قلوب العباد حسن الذكر له، ولذلك تجد للعلماء والأئمة من حسن القبول، ودعاء الناس، والهيبة في قلوب الناس، ما لا يمكن للإنسان أن يحصيه أو يصفه؛ والسبب في ذلك بعد فضل الله جل جلاله، بما كان منهم من الخير، وما نشروه من رسالة الله، وبلغوه من أمانة الله، فكان من شكر الله لسعيهم أن وضع لهم القبول بين عباده، فتجد الناس تذكرهم بالجميل، وتثني على ما كان منهم من عملٍ صالحٍ جليل.
وانظر! إلى أئمة السلف ودواوين العلم، كيف عطر الله سيرتهم في الحياة وعطرها بعد الممات، فماتوا وما ماتت علومهم، وماتوا وما ماتت مآثرهم، وما كان منهم من خير ودعوة إلى صلاحٍ وبر، نسأل الله العظيم أن يلحقنا بهم غير خزايا ولا مفتونين ولا مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك وهو أرحم الراحمين.