الأمر الثاني: إذا نزلت بك المشكلة أو بالمرأة فأوصيك وصيةً، أن تتصل بالعلماء، فاستشر أول من تستشير العلماء حتى تعرف، قد تكون المسألة متعلقة بالدين والشرع تحتاج إلى أن تتصرف تصرفاً شرعياً واجباً عليك، فاتصل بأحد العلماء، وقد كان الناس في خير وكانوا يسألون العلماء في كل صغير وكبير، وكان العالِم إذا خرج من المسجد يخرج بخلية نحل من كثرة الناس، كان الناس يتعلقون بهذا الدين ويتعلقون بالعلماء الربانيين تعلقاً -والله- أشد من تعلقهم بالآباء والأمهات، فلما فقدت هذه الوشيجة وأصبحنا نستشير ونسأل ونذهب إلى إنسان لا دين له ولا أمانة، فما الذي يتوقع من هذا الإنسان؟ وقد يذهب إلى إنسان غشاش لا يتقي الله في بيوت المسلمين.
فلذلك ينبغي أن تتصل على العالِم، وكن نقياً صادقاً فيما تقول، أميناً فيما تنقل، وأنصف المرأة من نفسك وقل: وقع كذا وكذا وكذا يا شيخ فنورني، ودلني ماذا أصنع.
والله ما من إنسان يُجلُّ أهل العلم ويكون على صلة بالعلماء إلا بلَّغه الله الخير في أمره، وهذا أمر مهم جداً أن ترجع للعلماء.
فرضنا أنك في مكان لا يتيسر فيه العالِم أو اتصلت ولم يوجد العالِم، فاذهب إلى كبار السن من أهل العقول الصائبة والآراء المستقيمة، واعرض عليه مشكلتك وبين له ما تعانيه واستشره: شاور أخاك إذا نابتك نائبةٌ يوماً وإن كنت من أهل المشورات فالعين تبصر ما دنى ونأى ولا ترى ما بها إلا بمرآة العيب الذي في العيون ما تستطيع رؤياه إلا بمرآة، قد تظن أنك أنت المحق وأنت المبطل، أو أنك المبطل وأنت محق، فأين ومن الذي يدلك على هذا العيب؟ غيرك من أهل العقول المستقيمة الذين نور الله بصائرهم وأبصارهم، ولا يخلوا مجتمع -إن شاء الله- من وجود أمثال هؤلاء، فارجع إلى عالِم أو ارجع إلى إنسان من أهل العقل والرزانة أو إنسان يجمع صفتين: الدين؛ لأن الدين يستلزم الورع.
والأمر الثاني: الأمانة، فيكون أميناً وليس خائناً.
فإذا وجدت ذلك فعض عليه بالناجذ واسأله عما جدَّ وطرأ عليك.