أحبتي في الله: القلوب هي الميزان في صلاح العمل، هي الميزان في القرب من الله عز وجل والتعلق في الله عز وجل، حتى ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أبي بكر الصديق، الإمام الجليل، والصحابي الكريم، أفضل الصحابة وأعلاهم عند الله عز وجل مكاناً وشأناً، فدى رسول الله بروحه وماله، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل أعالي الفردوس مثواه، هذا الصحابي الجليل نال هذه المرتبة العظيمة بفضل الله، ثم بشيء وقر في صدره، وبإيمان ثبت في قلبه، حتى قال صلى الله عليه وسلم:(أما إنه لم يسبقكم بكثير صلاة ولا صيام، ولكن بشيء وقر في القلب) وما هو ذاك الشيء سوى اليقين والتعلق بالله رب العالمين، والاستكانة والذلة والإخلاص في العبودية لله إله الأولين والآخرين.
وليس هناك قضية يحتاج المؤمن إلى علاجها وصلاحها وإصلاحها مثل قضية قلبه وفؤاده، نحتاج إلى وقفة مع هذه القلوب، نحتاج إلى وقفة مع هذه الأفئدة التي طال بعدها عن الله وعظمت غربتها عن الله، فكم من شابٍ اهتدى واستمسك بسبيل المحبة والرضا، ولكن في قلبه من القسوة ما لا يشتكى إلا إلى الله جل وعلا، كم من شباب تفطرت قلوبهم وأفئدتهم حزناً يتمنون قلباً رقيقاً، يتمنون من الله عز وجل أن يرزقهم قلوباً تذل لوجهه وترق لجلاله وعظمته، حتى إذا ذكرت بالله اطمأنت وإذا بصرت بالخير اهتدت، فهي أمنية عزيزة عند عباد الله الأخيار.