أيها الأحبة في الله! المواعظ تفتقر إلى أمر عظيم، إذا وجدت في الأب والأم، فإن الله ينفع بها وتقع في القلوب كوقع الغيث على الأرض الطيبة، إنها تحتاج إلى قدوة صالحة، الأب الذي ينصح أبناءه وبناته لابد وأن يكون قد أقام نصيحته لأنه لهم قدوة، ولابد أن يكون إماماً هادياً مهدياً، حتى ينفع الله بنصيحته، وتكون كلماته مؤثرة في النفس عميقة الأثر في القلب؛ لأن الله جبل الأولاد على محبة الوالدين والتأثر بنصيحتهما، وأنهم يشعرون شعوراً عميقاً أن الأب لا يغش أولاده، وأن الأم لا تغش أولادها، فهم يتقبلون النصائح منهما، فيحتاجون إلى القدوة التي تدلهم مع القول بالفعل، فابنك إذا رآك إذا أذن المؤذن تخرج إلى المسجد مبكراً؛ سبقك إلى المسجد، وإذا رآك عند ذكر الله تفيض عيناك من خشية الله فاضت عيناه من خشية الله، وإذا رآك ابنك وقافاً عند حدود الله، لا تغتاب المسلمين، ولا تسب المؤمنين كان ابنك عفيف اللسان عن عباد الله المسلمين.
والبنت إذا رأت أمها قوّامة، صوّامة، ذاكرةً لربها، منيبة إلى خالقها، أحبت الله من كل قلبها، الله أعلم كم من ذريات صلحت بالقدوة الصالحة! الأبناء والبنات ينتظرون الفعل قبل القول، ولذلك قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة:٢٤] فالإمامة في الدين والموعظة التي تذكّر برب العالمين تحتاج إلى الفعل قبل القول، قال بعض السلف: عظوا الناس وأنتم صامتون، قالوا: كيف نعظ ونحن صامتين؟ قال: عظوا الناس بأفعالكم وأخلاقكم قبل أن تعظوهم بأفواهكم.