أما الأمر الثاني: فمن أخلص لله جل جلاله وتوجه إلى الله سبحانه أحب كل شيء يذكره بالله، ونفر من كل شيء يبعده عن الله سبحانه وتعالى، وإذا أصبح العبد يأنس بكل شيء يقربه إلى الله كثر ذكره لله سبحانه، فتجده كثير التلاوة لكتاب الله، كثير الاستغفار من ذنبه والاسترحام لربه، فيصبح في ذكر دائم لله جل جلاله، ومن ذكر الله ذكره الله:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة:١٥٢] ولذلك لهجت ألسنة العلماء بذكر الله وخشعت قلوبهم لما عند الله سبحانه وتعالى.
فإذا أخلصت أصبحت أقوالك كلها لله بذكره سبحانه وتعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة:١٥٢] وما شقي الأشقياء إلا بالغفلة عن الله، وإذا أراد الله أن يهلك عبداً من عباده جعله من الغافلين، وإذا غفل قسا قلبه، وإذا قسا قلبه ساء وأظلم، وإذا ساء وأظلم تحركت الجوارح إلى الظلم والظلمات، نسأل الله السلامة والعافية! فأهم ما يكون للإنسان أن يكون كثير الذكر لله جل جلاله، ولذلك تجد العلماء العاملين الأئمة المتقين جميع أقوالهم وأفعالهم مقرونة بأمر الله ونهيه، لا يتقدمون إلا إذا أمرهم الله، ولا يتأخرون إلا عن شيء يعلمون أن التأخر عنه فيه مرضات الله، وتلك أمارات التقوى! وذلك سبيل الهدى! قال بعض السلف في تعريف التقوى: أن لا يفقدك الله حيث يحب أن يراك، وأن لا يراك حيث يحب أن لا يراك.
فإذا أكثر الإنسان من ذكر الله عز وجل طاب عيشه، ولذلك تجد العالم يقرأ العلم بلسانه، والله أعلم كم من مثاقيل الحسنات في ميزانه! الله أعلم هذه الكتب التي ألفها العلماء والأئمة الصلحاء الأتقياء من سلف هذه الأمة كم لهم فيها من أجور! وكم لهم فيها من حسنات لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى! ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لـ علي:(فوالله! لأن يهدي بك الله رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) ومن أكثر ذكر الله جل جلاله فإن الله سبحانه يبارك له في عيشه وفي حياته.