خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم داعيةً إلى الله خرج إلى الناس طليق الوجه، دائم البشر والسرور صلى الله عليه وسلم، ما كان يلقى الناس مكفهر الوجه أو عابساً أو محتقراً لهم، بل كان يلقاهم صلوات الله وسلامه عليه بالوجه الطليق والقول الرقيق، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه:(ما لقيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسمَ في وجهي).
فالداعية إلى الله، يتحلى بمثل هذا الأدب النبوي الكريم.
كان يخرج صلى الله عليه وسلم لأصحابه نقي السريرة والقلب، ليس في قلبه غل ولا حسد ولا بغضاء على المسلمين، إنما كان يخرج لهم بالمحبة والصفاء والمودة والإخاء صلوات الله وسلامه عليه.
لن نستطيع أن نهدي الناس إلا إذا سلمت صدورنا من آفات القلوب، لن نستطيع أن نأخذ بمجامع قلوب الناس إلا إذا سلمت سرائرنا وضمائرنا من الحقد على عباد الله، وسوء الظن بهم، ولن يكون الداعية كما ينبغي أن يكون عليه الداعية إلا بمجاهدة القلب، فإذا خرج إلى المسلمين أحب لهم ما يحب لنفسه، وكره لهم ما يكره لنفسه؛ لعلمه أن الله يحب منه ذلك.
إذا لم يسلم صدرك ولم يكن نقياً لإخوانك المسلمين، أظهر الله ما في قلبك في فلتات لسانك وزلات جوارحك وأركانك، وقد قال بعض العلماء: ما أسر عبدٌ في قلبه سريرة إلا أظهرها الله في فلتات لسانه، أو في جوارحه وأركانه.
فالذي يريد أن يدعو إلى الله ينبغي له أن يجعل في صدره السريرة النقية للناس التي تتمنى لهم الخير، فإذا قوي هذا الباعث في القلب دعاه إلى أن يبذل كل ما يستطيع لهدايتهم ودلالتهم على الخير وتحبيبهم في طاعة الله جل جلاله.