كذلك أيضاً يخرج العبد في مسالكه وشعبه والشعاب التي يطرقها في مسيره وهو مؤمن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي أول لحظة من لحظات الحج يريد أن يدخل في نسك الحج فيغتسل ويتجرد، وإذا به يتذكر الآخرة في ذلك الاغتسال وذلك التجرد.
قال بعض العلماء: المؤمن في عبادة الحج يتذكر الآخرة في أكثر مشاعر الحج منذ أن يأتي ويخلع ثيابه عن جسده حيث يتذكر إذا خلعت منه بلا حول ولا قوة، ويتذكر إذا نزعت منه فغسل وكفن، فهو اليوم يغسل نفسه ويلبس رداءه وإزاره، ولكن ستأتي عليه ساعة لا محيص عنها، ولا مفر منها، فيتذكر أنه مقبل على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ومن قواعد الإيمان: الإيمان بالآخرة وما فيها من البعث بعد الموت والحساب والجزاء، فالحج يذكر بذلك كله، فإذا خرج بحجه وعمرته أمسك عن محظورات الإحرام، فيمسك عن الطيب والنساء والشهوات والملذات طاعة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، سبحان من أحل له تلك الشهوات وتلك الملذات قبل أن يدخل في حجه وعمرته، وأصبحت عليه حرام في نسكه، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي يحكم ولا معقب لحكمه عبادة توقيفية لا يستطيع الإنسان أن يقدم أو يؤخر بل يسلم تسليماً، ويؤمن ويوحد توحيداً كاملاً في العبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.