[وصايا متفرقة للوالدين]
وصيةٌ إلى الوالدين يوم يَكْفُرُ الأبناءُ والبنات الفضائلَ، ويوم يقف الأب عند المشيب والكِبَر ينتظر من الابن البر والإحسان؛ فإذا به يفاجأ بالتمرد والعصيان.
وصيةٌ إلى الوالدين يوم وقفت الأم عند مشيبها وضعفها وكِبَرها تنتظر بر ابنتها، فخابت الظنون، وتغيرت الأحوال، وسبحان الله إله الكون! إذا وقفتَ هذه المواقف فاعلم أن الله هو الذي يأجرك، وأن الله هو الذي يعوض خيرك وبرك، واعلم أن ما كان منك من حسنات؛ فإنه لا يضيع عند الله فاطر الأرض والسماوات، فاحتسب الأجر عند الله يوم تجدهم كُفَّاراً للجميل يوم تجدهم كُفَّاراً للنعمة والفضل، واسألِ الله أن يجبر كَسْرَك، وأن يُعْظِم أجرك، وإياك وزلات اللسان التي تُذْهِبُ بها ما سَطَّرْتَ من الخير والأجور والإحسان.
وصيةٌ للوالدين إذا فُجع الأب وفُجعت الأم بتلك الفواجع، يوم يُقْرَع العبد بتلك القوارع، فإن الحياة فانية، وهي ذاهبة زائلة، فإذا ربَّى الأب ابنه والأم ابنتها، وجاءت عند مشيبها وكِبَرها بعد أن متع الله ناظرَيها ومتع سمعَيها بسماع تلك الصيحات، إذا بها تفاجأ بابنتها في عداد الأموات، وقد صارت إلى رفات.
وصيةٌ إذا نَزَلت الفواجع، وقرعت تلك القوارع أن يقول العبد ما يرضي الله، وأن يحتسب الثواب عند الله، فكلنا إلى الله صائرون، وكلنا إليه منقلبون، والله جل جلاله منه الخلف وفيه العوض من كل فائت.
فاحتسبي -أيتها الأم- المصاب، وارجي من الله حسن العاقبة وحسن الثواب، واحتسبي عند الله أجرها يوم فُجِعتِ بتلك المصيبة التي سمعتِها؛ فإن في الجنة بيت الحمد لمن صبر على المصاب، واسترجع وأناب، ومن الله حُسْن الأجر والثواب.
وصيةٌ إلى الوالدين في خضم هذه الفتن والمحن بالمحافظة على الأبناء والبنات، وعدم الغفلة عنهم بكثرة الخروج والزيارات، فإن كثيراً من الأمهات قد أغفلن حقوق الأبناء والبنات، وأصبحت الأم لا تحفظ صغيرها، ولا ترعى طفلها، فهي كثيرة الخروج والولوج، وأصبح الأب غائباً في تجارته، وفي شئونه وأعماله، حتى ضاع أبناء المسلمين، وحرموا الخير مِن فَقد الرعاية من الآباء والأمهات.
فاتقِ الله عز وجل -أيها الأب- في أبنائك وبناتك.
إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على الأموال والتجارات.
إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على الزيارات والمناسبات.
إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على جميع ذلك؛ لأنها من الفرائض والواجبات.
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل ما وهب من نعمة الولد عَوناً على طاعته ومحبته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:١٠].
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه، وآله وصحبه أجمعين.