[الكتاب والسنة هما مرجع المسلم في حياته كلها]
السؤال
ما الكتب التي تنصحون بالاستعانة بها في الحج؟
الجواب
كتاب الله والسنة الصحيحة فيهما الغنى والكفاية، وما حرم كثير من الناس من حصول الخير على أتم وجوهه وأكملها إلا لما حرموا كتاب الله جل جلاله، فتجد الإنسان إذا أراد موعظة يبحث عن الأشرطة والكتيبات، وموعظته في كتاب الله سبحانه وتعالى، يترك خير الواعظين جل جلاله ورب العالمين، الذي إذا وعظ بلغته موعظته، فلربما الآية الواحدة تقلب الإنسان من الشقاء إلى السعادة، فكم من كلمات في كتاب الله لو استحضرها الإنسان لجعلها نصب عينيه إلى لقاء الله سبحانه وتعالى.
ما ضر الكثير -حتى من الدعاة والهداة- إلا إقبالنا على كلام الناس أكثر من إقبالنا على الله، ولذلك كان السلف يصحبون هذين الكتابين وهذين النورين، صحبوا كتاب الله جل جلاله بقيام الليل بالقرآن، وبكاء الأسحار بآياته وتأثرهم بعظاته، حتى بلغ كتاب الله منهم المبلغ، فتقرحت قلوبهم، وأقبلوا على الله ربهم يدعونه ليلاً ونهاراً، ويخبتون إليه سراً وجهاراً أن يرزقهم جنة ويحجب عنهم ناراً.
كانوا أئمة في الخير بهذا الكتاب، اصحب كتاب ربك واصحب مواعظه معك وانظر إلى أثر هذه المواعظ وعظيم انتفاعك بها.
قرأنا القرآن وما حضرت قلوبنا عند قراءته، وسمعناها وما حضرت قلوبنا عند سماعه، والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٧] هل من مدكر؟ هل من مشتر لرحمة الله فيستمع لهذا القرآن فيرحم، كما قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:٢٠٤]؟.
الاستماع لكتاب الله وكثرة التلاوة والتدبر هي التي تعين على كل خير، وما نال السلف الصالح -رحمة الله عليهم- الاستقامة على أتم وجوهها وأكملها، فشرفهم الله أئمة لهذه الأمة الصالحة إلا بكتاب الله جل جلاله، كان الرجل يختم على الأقل كل شهر مرة، ومنهم من لا تمر عليه عشر ليالٍ إلا وقد ختم كتاب الله، ومنهم -وهو من أكملهم وأفضلهم، الذي أصاب السنة- من يختم كل ثلاث ليالٍ.
يعرض كتاب الله -أوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، وتخويفه وتهديده، وبشارته ونذارته- في كل ثلاثٍ مرة، يقف لكي يعرض قلبه وقالبه وأقواله وأعماله على هذا الكتاب.
فأوصيك أن تصحب كتاب الله معك فتتلوه إن كنت حافظاً، وتسمعه إذا لم تكن حافظاً، وتقرؤه ولو بالنظر؛ وسترى الخير الكثير من الله سبحانه وتعالى؛ فإنه {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:١] ففيه الخير كله.
كذلك تصحب سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وتعلم ما الذي أمرك الله به فتفعله، وما الذي نهاك عنه فتتركه، وتسأل دائماً عن هديه وسمته ودله، فإن العلم بالسنة رحمة، ولذلك أقرب الناس لرحمة الله جل جلاله علماء السنة، العاملون بها المهتدون بهديها، الداعون إليها، تجدهم في رحمة، حتى إن وجوههم مشرقة في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها، وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع) (نضر الله): من النضارة، وهي الحسن والوضاءة والجمال.
قال العلماء: إن هذا الحديث يدل على أن الله سبحانه وتعالى يهب لأهل الحديث النور في وجوههم.
قال بعض العلماء: (نضر الله) أي: في الآخرة، فيحشرون يوم القيامة ووجوههم مشرقة من نور السنة جعلنا الله وإياكم من أهلها.
وقال بعض العلماء: الحديث عام -وهو الصحيح- (فنضر الله) أي: في الدنيا والآخرة، ولذلك قل أن تجد عالماً عاملاً بالسنة إلا وجدت وجهه كالشمس والقمر بنور السنة، ولذلك عرف أهل السنة بهذا النور في وجوههم: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:٢٩] من أثر التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ولذلك يحرص الإنسان على هذين النورين أن يصحبهما.
نسأل الله العظيم أن يرزقنا حبهما، والعمل بهما، والائتساء بهما، حتى يكون القرآن شفيعاً لنا في موقفنا بين يدي ربنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله تعالى أعلم.