[كيفية الوقاية من الشيطان]
السؤال
إني أحبك في الله، ثم ما هي الوقاية من الشيطان؟
الجواب
الله المستعان.
أما الوقاية من الشيطان فقد بيَّنها الله عز وجل في قوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف:٢٠٠].
فمِن أعظم الحرز، ومِن أعظم الحفظ، ومِن أعظم الحياطة: كثرةُ ذكرِ الله جل جلاله.
فالذي يريد أن يكون في مأمَن من الشيطان عليه أن يُكْثِر من ذكر الله، وألا يفْتُر لسانه عن الاستغفار، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، والتكبير، فإن ذكرتَ الله ذَكَرك الله، فإن ذكرته في نفسك ذكرك في نفسه، وإن ذكرته في مَلَأٍ ذكرك في مَلَأٍ خير من الملأ الذي ذكرته فيه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢].
فالذي يريد من الله أن يعصمه من الشيطان ويحفظه من الشيطان: يكثر من ذكر الله، خاصة تلاوة القرآن، فإن العبد إذا كان تَلَّاءً للقرآن هابه الشيطان وخافه؛ ولذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله: عن عمر رضي الله عنه أنه قدم على امرأةٍ كان عندها ابنٌ به مس، وقال لها: [انظري إلى نجي صاحبك، فاسأليه عن أبي موسى -غاب عليه خبر أبي موسى، وكان أبو موسى من أكثر خلق الله تلاوةً للقرآن هو ومعاذ بن جبل كما هو معروف من سِيَرهم- قالت: أتسألني عنه؟! ذاك الذي يخرج منه كالشهب لا أستطيع أن أقربه؟!] تعني: لا أستطيع أن اقترب منه، والشهب هذا هو: القرآن؛ لأن القرآن على الشيطان مثل الشهب، لا يطيق كلام الله عز وجل، ولذلك لا يستطيع أن يمكث في البيت الذي تُقْرأ فيه سورة البقرة ثلاثة أيام، فهو في حرز من الله أن يدخله الشيطان.
فالقرآنُ وكثرةُ تلاوتِه يورث انشراح الصدر، والذي يريد أن يكون من الصالحين والسابقين إلى الخيرات عليه أن يكثر من ذكر الله، واللهُ قد أثنى على هؤلاء فقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب:٣٥].
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:٤١ - ٤٢] والله يا إخوان إن هاتين الآيتين ما يقرأهما الإنسان إلا ويتفطر قلبه حزناً، إن الله يوصيك من فوق سبع سماوات أن تذكره، وهو غنيٌ عن الذكر وأنت أفقر ما تكون إلى هذا الذكر؟! وإذا أمسى الواحد نظر في صحيفة عمله كم ذكر الله جل جلاله! فلا يجد إلا أذكار الصلاة، هذا إذا كان يحافظ على أذكار الصلاة، فأين تلاوة القرآن؟! كم جزءاً قرأ؟! ثم كم تسبيحه؟! كم استغفاره؟! كم تهليله؟! كم تحميده؟! كم تكبيره؟! لا يجد إلا القليل.
هذا من الرزايا.
ولذلك ليس غريباً أن تجد الشخص سَمْتُه سَمْتٌ صالح؛ لكن قلبه خاوٍ، وذلك لأن ذكر الله قليل.
فلا تنشرح الصدور إلا بذكر الله: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] ولا ترتاح النفوس، ولا تبتهج إلا بذكر الله جل جلاله، والذي يريد السعادة والأنس يأنس بالله، ولذلك واللهِ تجد إنساناً ولو كان وحيداً فريداً مع كتاب الله تجده كأن الدنيا بين يديه حقيرة؛ لكثرة ذكر الله، يقول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم في جبلٍ قريبٍ منَّا، هنا بجوار منطقة خليص اسمه: جمدان وهم مسافرون، يقول لأصحابه: (سيروا، هذا جمدان، سبق المفرِدون، قالوا: وما المفرِدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) سبقوا، ولذلك تأتي يوم القيامة فتجد الصالحين قد سبقوك بمراحل كثيرة، وناساً كانوا يتقلبون أناء الليل وأطراف النهار مع كتاب الله، ومع الاستغفار، ومع الدعوة إلى الله، ومع الذكر، وفي الخيرات، يُشْغِلُون أنفسهم بطاعة الله.
فالذي يريد أن يكون في عصمةٍ من الشيطان، وحفظٍ من الشيطان عليه أن يكثر من ذكر الله، فإن مَن ذَكَرَ الله ذَكَرَه الله، ومَن ذَكَر الله فنِعْمَ -واللهِ- الحالُ حاله، نسأل الله العظيم أن يعيننا على ذلك، وأن يجعلنا من أهله.
والله تعالى أعلم.