[علاج من ابتلي بحب المردان]
السؤال
كيف يفعل من ابتلي بحب المردان؟ وكيف يعالج نفسه من ذلك؟
الجواب
عليه أن يدعو الله، ويأخذ بالأسباب: فيدعو الله عز وجل أن يعافيه من هذا البلاء، ولا يجلس معهم، ولا يحرص على مجالسهم، وإذا وجد الفتنة يقوم، ولا يحل له أن يجلس في مجلس يجد فيه الفتنة مِن أمرد، وكان السلف الصالح رحمهم الله يحذرون من صحبتهم، والجلوس معهم.
فعليه أن يدعو الله، ويأخذ بالأسباب، فإذا وفق الله الإنسان للدعاء والأخذ بالأسباب -التي مِن أعظمِها: أنه لا يكثر من مجالستهم ولا صحبتهم ما أمكن- فإن الله يعصمه.
أيضاً القضية الثالثة: أن المحبة والتعلق سببها ضعف الإيمان، فالغالب أن الإنسان لا يتعلق ولا يحب محبة غير شرعية إلا بضعف الإيمان -والعياذ بالله-، والذي يريد من الله عز وجل أن يشفيه من هذا عليه أن يعالِج هذا البلاء بقوة الحب لله جل جلاله؛ لأن القلب هو وعاء الحب، فإذا مُلِئ بمحبة الله وأصبح مليئاً بحب الله لم يجد حبُّ ما سواه مكاناً في ذلك القلب، ولذلك لا بد أن تحاول دائماً على هذا، فهو من أهم ما ينبغي أن يعتني به الشاب المهتدي، أول ما يعتني به بعد التوفيق للهداية أن يقوي الإيمان في قلبه، وذلك بمحبة الله المحبة الصادقة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة:١٦٥].
فالذي يريد أن يكون على كمال الإيمان عليه أن يملأ قلبَه حباً لله، فإذا جاءت محبة مَن سواه هانت عليه؛ لأن أمامه محبة الله جل جلاله، فإن كان يحبه لجمال؛ فإن الله جميل، لِمَا ثبت في الحديث الصحيح: (وإذا كشف الحجاب عن وجهه لأهل الجنة نسوا النعيم الذي هم فيه، وتركوه، واشتغلوا بذلك الجمال، ورؤية ذلك الجمال، ثم ينقلبون إلى أهلهم - كما في صحيح مسلم - فيقولون: لقد ازددتم بعدنا جمالاً، فيقولون: والله لقد ازددتم بعدنا جمالاً).
من جمال النظر، يقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة:٢٢] النضرة هذه كمال النعيم والبهجة والسرور الذي تراه في وجه الإنسان، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة:٢٢] لكن هذه النضرة بماذا؟ {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٣].
فإذا كنت تحب الجمال فالله كمال الجمال والجلال جل جلاله، وتقدست أسماؤه.
وإن كنت تحب المال فالله بيده خزائن السماوات والأرض، بيده سحاء الليل والنهار لا تُغِيضُهَا نفقة.
تَفَكَّر في أي شيء أنت تحب من أجله أحداً، وانظر إليه في جوار الله جل جلاله، ستجده لا يُعَدُّ شيئاً، فالإنسان الذي يريد أن ينصرف قلبُه عن الخلق إلى الخالق جل جلاله يُعَظِّم في قلبه حبَّ الله، فيصبح القلب مملوءاً بحب الله، فإذا امتلأ القلب بحب الله أتت المرحلة الثانية وهي أن القلب لا يتجه إلى حب شيء إلا من خلال حب الله، ولذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الولاء والبراء، وأن الحب في الله والبغض في الله مِن أوثق عُرَى الإيمان، لماذا؟! لأن معناه أن القلب قد امتلأ إيماناً إلى درجة أنه لا يتجه إلا إلى حبيب الله، ولا ينقبض إلا عن عدو الله، كما قال الله عن هؤلاء: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة:٢٢] ثم انظر إلى تعبير القرآن! قال: {كَتَبَ} [المجادلة:٢٢] كأن الإيمان نُقِش في هذه القلوب، الله أكبر! {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة:٢٢].
فالإنسان الذي يريد ألا يتجه قلبه إلى حب شيء غير الله عليه أن يملأ قلبه بحب الله، فحب المردان والتعلق بالمردان جاء من فراغ، وهذا الفراغ هو ضعف الإيمان، فنسأل الله العظيم أن يكتب لنا ولكم السلامة والعافية.
ثم ماذا تستفيد؟! هب أنك نظرت إلى مَن جَمَّل الله صورتَه! ما الذي تستفيده؟! ما الذي تجده؟! ما هي الفائدة؟! ما هو الأثر؟! هل يزداد إيمانك؟! لا والله، حتى إن بعض السلف لما نظر إلى أحد الناس وهو ينظر إلى الأمرد قال: [والله لتَجِدَنَّ غِبَّةَ هذا ولو بعد حين]، فمكث عشرين سنة، وذات ليلةٍ أُنْسِيَ القرآنَ فيها -والعياذ بالله-.
فالإنسان لا يأمن مكر الله عز وجل؛ ولكن يأخذ بالأسباب التي تعينه، فإذا نظر اللهُ إليك وأنت في معصية؛ ولكنك تأخذ بالأسباب التي تريد أن تنجو بها من هذه المعصية، وتفر من الله إلى الله، فأبشر بكل خير.
ونسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياك السلامة والعافية.
والله أعلم.