السبب الثاني الذي يسبق الزواج ويكون قبل الزواج: سوء التربية، إن الشخص إذا نشأ نشأة غير مستقيمة، وقصَّر الأب أو قصرت الأم في تربية ابنها وابنتها؛ فإن الذي يجني عواقب سوء التربية هو ذلك الابن بعد سنين طالت أم قصرت، قل لي بربك: إذا كان الابن ينشأ في بيت مليء بالخصام والسباب، إذا نشأ الابن على يد أب لا يحسن معاملة زوجته ولا يحسن بِر زوجته، فظاً غليظاً مؤذياً لا يتقي الله والرحم، كيف سيكون حاله وكيف سيتصرف مع أهله؟ لا شك أنه سيعامل أهله بمثل ما عامل به والده أهله.
فلذلك -أحبتي في الله- تربية الأبناء وتربية البنات تربيةً صالحةً مستقيمةً أمرٌ من الأهمية بمكان.
وحسبي أن أذكر صورة عجيبة تعتبر من أهم الأسباب التي توجب فساد الزوج على زوجه والزوجة على زوجها، هذه الصورة أن بعض الآباء إذا أراد ابنه أن يدخل على امرأته جلس معه وأعطاه أشنع صورة عن المرأة ونفره من زوجته، وقال له: لن تستقيم لك حياة الزوجية إلا إذا عبست في وجهها وضربتها وآذيتها، وإياك أن تفعل وإياك أن تفعل، فيلقنه ويجعل الزواج في نظره شراً لا بد منه، ما الذي تنتظر من هذا الابن؟ ما الذي ينتظر من ابن دخل بهذه الأفكار؟ وكذلك الأم، ويا للأسف! حينما فقد المسلمون أمهات صالحات، بدلاً من أن كانت المرأة تجلس مع ابنتها تصبرها وتعللها وتبين لها حقوق بعلها، وتهديها إلى الصراط السوي في معاشرة زوجها، لما تغيرت الأمهات وأصبحت الأم تلقن ابنتها الأفكار الرديئة، يا ابنتي إياكِ أن تخضعي له إياكِ أن تكوني ذليلة إياكِ إياكِ، ثم تكون النتائج بعد ذلك على رأس الزوج والزوجة، والله ثم والله ما من أب يربي ابنه على ذلك وما من أم تربي بنتها على ذلك إلا لقيت ربها ولقي الأب ربه بجميع الأوزار التي ترتبت على كلامه، والله ما من مشكلة نتجت عن ذلك الكلام الخاطئ إلا وسيحمل وزرها أمام الله:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[العنكبوت:١٣].
فلذلك إذا كان الأب لا يحسن تربية ابنه فإنه تكون النتائج والعواقب الوخيمة على تلك الزوجة المظلومة، وإذا كانت الأم لم تحسن تربية ابنتها فإنها ستكون العواقب الوخيمة على ذلك الزوج المظلوم.
لذلك -أحبتي في الله! - علاج هذه المشكلة وعلاج هذا السبب بينه النبي صلى الله عليه وسلم حينما دعا إلى تربية الأبناء والبنات حتى رغب شرع الله في التربية الحسنة قال صلى الله عليه وسلم:(من ابتلي بشيء من هذه البنات فرباهن فأحسن تربيتهن، وأدبهن فأحسن تأديبهن، إلا كن له حجاباً من النار) فإذا ربت الأم ابنتها على الكلام الطيب وخرجت تلك البنت سويةً في أفكارها، مستقيمةً في نظرتها؛ فإنها سرعان ما تطبق ذلك في عشرتها لزوجها، لقد ربت أمهات -وأي أمهات- بناتهن على الإحسان إلى الزوج وكانت تلك البنت وفيةً بارةً، ولها مثل أجر ابنتها في إحسانها إلى زوجها، ولذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سبل الجنة أن تحسن المرأة عشرة زوجها، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) لذلك أحبتي في الله! تربية الأبناء والبنات أمر من الأهمية بمكان.