إن أعظم الأسباب التي تعين على رقة القلوب وذلتها لله: الدعاء، وما شرح الله صدر عبد بالدعاء إلا أعطاه مسألته، حتى قال بعض السلف: إني لأعرف متى يجيب الله دعائي، إذا شرح صدري لدعائه.
فالله من كرمه لا يشرح صدرك لدعائه إلا وهو متفضل عليك، فليكن أول ما يراه الله من العبد الذي يريد رقة قلبه وفؤاده أن يرفع الكف الصادقة إلى الله، ويسأله أن يهبه قلباً رقيقاً، فكم من أقوام كانت قلوبهم أقسى من الحجارة، ولكن ضرعوا إلى الله عز وجل فلانت، وما أعظم لينها! ولقد كان الرجل في الجاهلية الجهلاء من أعتى الناس وأشدهم فسقاً وفجوراً واعتداءً لحدود الله، ولكن ما إن رحمه الله برحمته ونفحه بفضله إلا وأصبح من أرق الناس قلوباً.
عمر بن الخطاب، كان رضي الله عنه في الجاهلية شديداً على الإسلام قوياً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وجاءت لحظة واحدة قلب الله قلبه، فأصبح من أرق الناس قلوباً، وكان رضي الله عنه إذا قام في الصف يتلو آيات الله خنقته العبرة حتى يُسمع نشيجه من ثالث الصف أو آخر القوم، وما ذلك إلا بفضل الله.
فأول ما يفعله الإنسان الذي يريد أن يكرمه الله برقة قلبه وفؤاده أن يدعو الله في صباحه ومسائه، وفي مظان الإجابة أن يرقق قلبه لذكره ويهبه القلب الرقيق الذي تستدر به رحمات الله، وتنال به الدرجات من عند الله عز وجل، قل: اللهم إني أسألك قلباً رقيقاً، واستعذ بالله عز وجل من قلب لا يخشع.