[حكم الدخول في الجماعة الثانية والجماعة الأولى ما زالت في التشهد الأخير]
السؤال
إذا دخلتُ المسجد ووجدتُ الجماعة في التشهد الأخير، وهناك جماعة أخرى تتوضأ، فهل أدخل في الجماعة الأولى أم أنتظر الجماعة الثانية؟ وهل لو دخلتُ في التشهد الأخير في الجماعة الأولى أكسب أجر الجماعة، أم الأفضل أن أنتظر الجماعة الثانية؟
الجواب
هذه المسألة أحب أن أنبِّه عليها؛ لأن فيها سُنَّةً عن النبي صلى الله عليه وسلم أضاعها كثير من طلاب العلم اليوم، وقد يوجد من يقول: إنه بهذا القول -الذي يُعْتَبر خلاف السنة- يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم: (فإذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، فقال عليه الصلاة والسلام: (فما أدركتم) أي: أيَّ شيءٍ أدركتموه، حتى لو أدركتم الإمام قبل السلام ولو بلحظةٍ واحدة فكبروا، ولا يجوز لأحد دخل المسجد أن ينفرد عن الإمام، ولذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين اللذين صَلَّيا مُفْرِدَين قال: (ألستما بمسلمَين؟! ما منعكما أن تصليا في القوم؟!)، والإسلام يحارب الشذوذ، هذا الشذوذ الذي ينفرد فيه عن جماعة المسلمين يحاربه، ولذلك قال: (ألستما بمسلمين؟! ما منعكما أن تصليا في القوم؟!)، فدل على أن كل من دخل إلى المسجد ينبغي عليه أن يدخل مع الإمام، حتى أنهما قالا: (صلينا في رحالنا، قال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما المسجد فصليا؛ فإنها لكما نافلة) كل هذا من أجل ألا ينفرد الإنسان عن إخوانه؛ لأنه إذا انفرد ساءت به الظنون، وفُتح بابٌ لأهل الأهواء والبدع أن يتركوا أهل السنة ويحتجون بجواز ذلك في الشرع.
فالمقصود: أنه لا يجوز لأحد دخل المسجد أن ينفرد عن الإمام، وإنما ينبغي الدخول معه.
المسألة الثانية: إذا دخلتَ مع الإمام وأدركتَ التشهد، وكان أحد بجوارك، فقل له: إذا سلم الإمام فأْتَمَّ أنت بي.
هذا لأنك منفرد، فإذا سلم الإمام قُم فكبِّر ويكبر معك، واقرأ وصلِّ به كأنكما لم تدركا شيئاً مع الإمام، أي: كأنكما منفردين، هذا إذا كنتما أدركتما الإمام في التشهد الأخير، أو أدركتماه بعد رفعه من الركعة الأخيرة، هذا كله تعتبر أنت فيه منفرداً يجوز للغير أن يأتم بك.
فالمسألة التي ذكرتَها هي: أن تكبر معه.
وذهب طائفة من العلماء إلى أن فضل الجماعة يُدْرَك بالتسليم، فمن أدرك الإمام في التشهد، فسلم الإمام وقد دخل في الصلاة، قالوا: فقد أدرك الفضل؛ فضلَ الجماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن خمساً وعشرين ضعفاً من الأجر يكون على المشي إلى المسجد، فأنت مدركٌ لفضل الجماعة.
وبناء ًعلى هذا فإنه لا يجوز الانفراد، ولا يجوز الوقوف إلى أن تدخل الجماعة الثانية، وإنما يكبر الإنسان ويدرك الإمام.
أما أيهما أفضل: الجماعة الأولى أم الثانية؟ فأقول: تكبِّر؛ لأن تكبيرة الإحرام منك قد وقعت في وقتٍ سابقٍ للجماعة الثانية، ولذلك فإن العبرة بتكبيرة الإحرام، فمن كبر تكبيرة الإحرام -مثلاً- في الساعة الثانية، وصلى ولو مع واحدٍ جماعةً أفضل مما لو انتظر جماعةً كثيرةً إلى الساعة الثانية وعشر دقائق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليصلي الصلاة، وما يصليها في وقتها، ولما فاته من وقتها خيرٌ له من الدنيا وما فيها) فقوله: (ولما فاته من وقتها) أي: قليلاً كان أو كثيراً.
فاحرص على فضل الوقت، فإنه لا شك أن دخولك مع الجماعة الأولى مع إحداث جماعةٍ ثانية بعد السلام أفضل من بقائك وانتظارك.
والله تعالى أعلم.