الإنسان إذا أراد أن يسلك هذا السبيل يأتيه الشيطان من كل فج ومن كل صوب، يأتيك ويقول لك مثبطاً ومخذلاً: من أنت حتى تكون عالماً؟ ومن أنت حتى تكون طالب علم؟ ومن أنت ومن أنت؟ فما أبوك بعالِم ولا أنت من بيت علم إلى آخر ما يقوله عدو الله، فينبغي للمؤمن أن تكون همته عالية وأن تكون نفسه أبية تنافس في طاعة الله، وتسابق في مرضاة الله فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
إن العلم ليس حجراً على أحد، وطلب العلم ليس حكراً على قوم معينين، ولا على طائفة معينة، ولا على قبيلة بعينها، ولا على جنس معين، طلب العلم إنما هو منحة من الله لعباد الله، قال تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}[البقرة:٢٦٩].
هو المعلم وهو المفهم وهو الهادي إلى سواء السبيل، فإياك أن يثبطك الشيطان عن طلب العلم، وإذا وفق الله لك في البلدة أو المدينة التي أنت بها ووجدت فيها رجلاً من أهل العلم فاحتسب عند الله بخطواتك إليه، واحتسب عند الله جلوسك في مجلسه، واحتسب عند الله بإنصاتك لحديثه وعملك بما يقول، قال تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة:١٢٢].
فينبغي لنا إذا كنا في أي مكان وتيسر وجود العالِم ألا نقصر في غشيان حلق العلم، الله الله أن توجد تلك الحلقة ويسبقك غيرك إليها فتكون أدنى منزلةً عند الله؛ لأنك إذا كنت بين قوم يطلبون العلم وأنت متقاعس عن طلب العلم فهذا زهد في الخير ونقصان في الأجر -والعياذ بالله-، ولذلك قال بعض السلف يوصي ابنه: إياك أن تعرض عن العالِم، فإنك إن أعرضت كان الضرر عليك ولم تضر العالِم شيئاً.
فالعالِم لا يضره إعراض المعرضين وإنما يستضر من أعرض عن العالِم، قال الجد رحمة الله عليه: ومن صد عنا بحسبه اللوم والقلى ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته فالمقصود: أنه ينبغي لك أن تشمر عن ساعد الجد في طلب العلم.