هل الإعداد في سبيل الله فرض عين أم فرض كفاية، كمثل الجهاد في أفغانستان؟
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن الإعداد للعدو يعتبر من فروض الكفايات، وقد أشار إلى ذلك أهل العلم رحمهم الله، وأشار إليه بعض المفسرين في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:٦٠] وهذا الخطاب وإن كان عاماً -كما يقول العلماء- إلا أن المراد به طائفة خاصة تحصل بها الكفاية، فإذا حصلت الكفاية بهذه الطائفة فإنه حينئذٍ يسقط الإثم عن البقية، ويجب على الأمة أن تُعد من رجالها وأهلها والصالحين من عباد الله من تَسُد به الحاجة، بحيث لو دهم العدو كانت فيهم الكفاية، فالذي يظهر من خلال دلالة الآية الكريمة أنه من فروض الكفاية، وتعميمه والقول بأنه فرض عين بناءً على عموم الأمر في الآية معارضٌ لكثير من الآيات في القرآن التي ورد فيها الأمر على العموم، والمراد به قومٌ مخصوصون، وقد أشار إلى ذلك ابن عطية رحمه الله في تفسيره، وأشار إليه القرطبي رحمه الله في التفسير، أنه قد يرد النص في الآية على العموم والمراد به الخصوص، كقوله تعالى:{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور:٣٢] خاطب الأمة كلها، والمقصود بعضها، وكثير من الآيات التي وردت في شأن النكاح، وكذلك في شأن إقامة الحدود، كقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢]، فإن الذي يجب عليه الجلد البعض، وهم الذين تحملوا مسئولية ذلك، والمقصود أن آيات القران قد ترد عامةً، والمراد بها المتلبس بها، كما أشار القرطبي إلى ذلك في تفسير قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة:٢٨٢] فبين في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة:٢٨٢] أن الأمر عام، والمراد به قومٌ مخصوصون، وهكذا بقية الآيات التي يراد بها وجوب الكفاية، فإن وجدت الكفاية سقط الإثم عن الأمة، وإلا فلا، والله تعالى أعلم.