ومن خديجة إلى مقام الإيمان والتوحيد والصبر على الإيمان بالحميد المجيد، إلى سمية وهي تُكاد على الإيمان بالله، وتهان من أجل لا إله إلا الله، إلى تلك المرأة التي آمنت بربها، وصَدَّقت بوحدانية خالقها فقيدت إلى العذاب الذي يفضي بها إلى رحمة رب الأرباب، قيدت إلى العذاب الذي فيه مهانة الدنيا، ولكن مآله كرامة الآخرة، إنها سمية أول شهيدة في الإسلام، التي رضيت أن تنال العذاب، وأن ترى ما ترى من صنوف البلاء والمهانة في الله ولله، وكل ذلك من أجل أن يرضى عنها الله، فما وهنت في طاعته، وما ضعفت في سبيله، فيا له من قلب موحد لله! قلب سكن التوحيدُ بشعابه، ونزل إلى أعماق جذوره، فاهتدت بهدي ربها فلم تبتغ عن سبيله تحويلاً، ولا له بديلاً.
إنها سمية الأمس التي صبرت على طاعة الله ومحبته، وأوذيت في الله، وعايشت ما عايشت من البلاء والضنك في سبيل طاعة الله ومرضاته.
وأشباه سمية في عصرنا الحاضر كثير، وما زال الخير في الأمة، فكما أن الخير في الرجال فإن الخير موجود في النساء، فما زالت سمية في الأمة باقية إنها سمية التي تعيش بهدايتها وحيدة بين أسرة كاملة إنها سمية التي تعيش بإيمانها وطاعتها لربها وعفافها بين أخواتٍ وزميلاتٍ بعيدات عن الله إنها سمية اليوم التي تؤذى في لباسها فتصبر وتحتسب، وتؤذى في حيائها فتصبر وتحتسب، وتؤذى في شيمتها وعفتها فتصبر لوجه الله وتحتسب.
إنها سمية اليوم الصادقة مع ربها، الموقنة بلقاء خالقها إنها سمية اليوم التي لم تلتفت إلى مفاتن الأزياء، ولم يغرها ما غر غيرها من النساء إنها سمية التي أوذيت باللسان، فسمعت من الكلام ما كرهت ولكن رضيت بالله، ورضيت البقاء على طاعة الله ومحبته؛ فطوبى لها وحسن مآب!