وختاماً أيها الأحبة! أحب أن أوصيكم ونفسي بتقوى الله جلا وعلا التي هي مظنة الصلاح والفلاح والربح والنجاح؛ فإن الله تعالى جعل بها فرجي الدنيا والآخرة، فجعل سعادة الدين في التقوى، وأخبر أن المتقين على سدادٍ وصلاح ولو لم يكن لهم إلا محبة الله ومعيته لكفى، وأخبر سبحانه وتعالى عن صلاح دنياهم؛ أنه يجعل لهم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، فإذا ضاقت النفوس وخشي الإنسان من الانتكاسة أو تغير الأحوال؛ فليتق الله فلعل ذنباً بينه وبين الله غير حاله الذي هو عليه، وذلك تقوى الله هي أزمة الأمور، ومن أعظم الأسباب التي تنشرح منها الصدور:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يونس:٦٢ - ٦٣] نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء.
يتفقد الإنسان نفسه فلعل ذنباً في عين أو في سمع أو في قدم أو في يد أو في فرج أو مظلمة لوالدة أو والد أو رحم؛ فإن الله عزوجل ذكر أن الذنوب من أعظم الأسباب التي تحول بين الإنسان والخير؛ فقال تعالى عن الذين قطعوا أرحامهم:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:٢٣] قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا قطع رحمه أصابه الصمم وعمي البصيرة، والمراد بالصمم: أنه لا تنفع فيه موعظة، ولو عرضت المواعظ التي تفتت الجبال عليه ما أثر فيه، ولو أثرت فيه تأثر بها لحظة ثم تزول نسأل الله السلامة والعافية:{وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:٢٣] فلا يرى خيراً ولا يوفق لطاعة، نسأل الله السلامة والعافية، فالذنوب من أعظم الأسباب التي تحرم الإنسان من هذا الخير، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يثبت قلوبنا وقلوبكم على ما يرضيه عنا.
وختاماً والله إنها لمناسبة طيبة، أسأل الله أن يجزي الأحبة كل خير، وكان مما يبهج نفسي ويدخل السرور عليه -والله شهيد على ذلك- وجود الشيخ، ويعلم الله كم تمنيت لقائه، أسأل الله أن يجمعنا وإياكم وإياه في دار كرامته، وأن يجعلنا وإياكم من المتحابين في جلاله، الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله أجمعين، وآله الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، والله تعالى أعلم.