[حق الزوجة في النفقة]
الحق الخامس من حقوق الزوجية: حق النفقات: وهو حق للزوجة على الزوج، فعليه أن يطعمها ويكسوها بالمعروف، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح هذا الحق، حين سأله معاوية رضي الله عنه وأرضاه: (ما حق الزوج علينا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت).
حق النساء في النفقة من الحقوق الواجبة واللازمة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشتكت له هند فقالت: (يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح مسيك، أفآخذ من ماله لولدي، فقال: خذي من ماله ما يكفيكِ وولدك بالمعروف).
ولها حق السكنى حتى تؤوي عرضك عن الحرام، فتسكنها حيث سكنت {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق:٦] وتطعمها من حيث طعمت، وتكسوها من حيث اكتسيت، وتكون تلك الكسوة والنفقة بالمعروف {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] لا تضار امرأة زوجها بتلك النفقة، ولا يضار الزوج زوجته بتلك النفقة، ليست النفقة سبيلاً للإجحاف، فبعض الأزواج إذا أعطى المرأة نفقتها امتن عليها بتلك النفقة، وقال: فعلت لك وفعلت لك حتى يذهب معروفه عليها، وبئس والله ما فعل، فذلك -كما يقول العلماء- من سوء العشرة، وقد يكون ذنباً على الإنسان إذا قصد به أذية المرأة والزوجة.
وهنا أمر ينبغي أن يتنبه له: ليس معنى إيجاد النفقة أن تبغي المرأة على زوجها، أو يبغي الرجل على زوجته، فمن الناس من ينفق لا كالنفقة، ومن النساء من تطالب زوجها بنفقة تجحف به، وقد تبلغ به إلى حد الدين! وذلك تكليف للنفس بما لا يطاق.
فعلى المرأة المؤمنة إذا كانت ترجو لقاء الله والدار الآخرة ألا تحمّل زوجها ما لا يطيق، ومن النساء من إذا ذهبت إلى البيوت ونظرت إلى ما فيها من الجمال والمال أقامت الدنيا وأقعدتها حتى يفرش مثل ذلك الفراش، ويبسط مثل ذلك البساط، فالله الله أيتها المؤمنة أن تكوني سبباً في الإجحاف بالزوج.
إنه حق ولكنه بالمعروف، لا بالإسراف، ولا بالإجحاف، فليس من حق الزوج أن يكون ثرياً غنياً بخيلاً على زوجه وأبنائه؛ حتى إن الابن ينكسر قلبه إذا دخل الغريب بيت أبيه، وحتى إن الزوجة ينكسر قلبها إذا دخلت الغريبة بيتها، بل ينبغي للزوج أن يكون وفياً، فإذا بسط الله لك الدنيا فابسط ولكن بقدر ووجه يوجب رضوان الله عز وجل.
دخل رجل على الحسن بن علي رضي الله عنه -وكان في أول أمره في فاقة وشدة- فوجد بيته قد فرش بأحسن الفراش، ووضع فيه أحسن البساط، فقال: [ما هذا رحمك الله؟ قال: إنا أقوام إذا وسع الله علينا وسعنا، وإذا ضيق الله علينا ضيقنا] أي: مادام أن الله أنعم علينا، فلماذا لا نوسع ولكن بالمعروف.
ودخل بعض الصحابة على عبد الله بن عمر رضي الله عنه، فوجد الستور والبساط والفراش، فقال: [ما هذا يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: غلبتنا النساء].
أي: إذا كان عبد الله بن عمر الصحابي الجليل، يقول: غلبتنا النساء، أي: أنه من شيمته ووفائه لما سألت زوجُه أن يحسن إليها في بيتها أكرمها، ولكن بشرط ألا يكون ذلك بإجحاف وإسراف، فطاعة الله فوق طاعة المخلوق.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم الحق والصواب، وأن يهدينا وإياكم لمنهج السنة والكتاب.