للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحذير من القنوط من رحمة الله]

السؤال

أنا شاب ظاهري الصلاح، ولكن أحس بقسوةٍ في قلبي وأحب فعل الطاعات وأعزم على فعلها، ولكن سرعان ما أقع في المعصية، وأجد تأنيباً من نفسي، حتى أني أخشى على نفسي من القنوط واستحواذ الشيطان على قلبي، فهل من علاج لهذه المشكلة؟

الجواب

لا زال الخير موجوداً في قلبك ما دمت أنك تندم وتتألم، وأبشر بالخير، وكل من عصى الله وابتلي بالمعصية فإن الله إذا أراد به خيراً ألهمه حسن الظن بالله، فإذا ابتليت بالمعصية -ولو مئات المرات أو آلاف المرات- فتب إلى الله، فإن الله يفرح، والله يحب منك أن تقول: اللهم إني تائبٌ إليك، ويفرح بذلك -وهذا أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم- فرحاً حقيقياً يليق بجلاله وكماله سبحانه وتعالى: (لله أفرح بتوبة عبده) فإذا ابتليت بالمعصية إياك أن تقنط! واعلم أنه لو بلغت ذنوبك عنان السماء، واستغفرت الله لغفرها لك ولا يبالي، ولو أتيت بقراب الأرض خطايا وتبت إلى الله توبة نصوحاً أتاك الله بقرابها مغفرة ولا يبالي.

وانظر هذا النداء: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:٥٣] الذين أسرفوا، فمهما بلغت ذنوبك، فأحب ما يكون من العاصي أنه بعد المعصية يتوب إلى الله عز وجل، وإذا تبت إلى الله فإنك تغيظ الشيطان، والذي أوصي به: من وقع في أي ذنب بعد التزامه وهدايته ألا يقنط، فإن الشيطان يقول له: إن الذنب منك ليس من غيرك، وأنت الآن ملتزم ومطيع فكيف تفعل هذه المعصية؟ أنت لا خير فيك ولو كان الله يحبك ما جعلك تعصيه، فالشيطان خبيث، فإذا قال ذلك فقل: اخسأ عدو الله، فإن رحمة الله واسعة، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق منك حينما قال: (لله أفرح بتوبة عبده) فتتوب إلى الله من ذلك، واعلم أن هذا الذي تفعله من توبة تغيظ به إبليس، فما أوصيك إلا بحسن الظن بالله، وأن تعلم أن الله يحب منك التوبة، ونسأل الله العظيم أن يتوب علينا وعليكم وهو أرحم الراحمين.

والله تعالى أعلم.