الحمد لله حمداً كثيراً طيباً طاهراً مباركاً فيه، يليق بجلال ربنا وعظمته وكماله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع من قالها يوم لقائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، ومن سار على نهجه ومنواله.
أما بعد: فأحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن القلوب لتطمئن، وإن الصدور لتنشرح حينما تسمع عن شباب أحبوا العلم وأحبوا أهله، وحرصوا على أن يتسلحوا بهذا السلاح العظيم، يبتغون من فضل الله الكريم، إنها لنعمة من الله إذا شرح صدر عبده لطلب العلم، فحببه إلى قلبه، وجعل أشجانه وأحزانه في رياض الجنة، لا يرتاح ولا يطمئن إلا بمجلس يسمع فيه كتاب الله أو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكي يخشع من ذلك قلبه، وتعمل به جوارحه، ويدعو الناس إلى ما علم وعمل، والدنيا فانية ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وطالب علم انتفع بعلمه:(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله علماً وحكمة فعمل بهما وعلَّم) فنال الدرجات وفاز بالمحبة والمرضات، فلقي الله يوم يلقاه راضياً عنه.
إذا هدى الله العبد إلى الصراط المستقيم، وحببه في هذا الدين، وأراد أن يتمم عليه النعمة ويزيده من فضله شرح صدره للعلم والعمل:(من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).
هذا العلم لا يحبه أحد إلا ناله خيره، ونال من بركته التي وضعها الله فيه، فإن الله عز وجل وصف كتابه بالبركة:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص:٢٩] فهذه البركة والخير في هذا العلم إذا شرح الله صدر العبد فأحبه وأحب أهله فلابد وأن يصيب من الخير على قدر حبه، ومن حيل بينه وبين بلوغ مراتب العلماء ولكن اطلع الله على قلبه أنه يحبهم وأنه يتمنى أن يكون له لسان صدق مثل ما أوتوا بلغه الله درجاتهم، قال:(يا رسول الله! المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: أنت مع من أحببت) فمن أحب العلماء وأحب طلاب العلم الصالحين الأتقياء حشره الله مع العلماء، ومن أحب العلماء وأحب أن يتمثل بهم وأحب أن يكون له من الخير ما لهم.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل هذه المحبة خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا بها إلى سلوك العلم والعمل.
أيها الأحبة في الله:(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) والله يؤتي الحكمة: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة:٢٦٩] العلم بصيرة، ومن آتاه الله العلم أبصر الحق وعرفه فلم تلتبس عليه السنة بالبدعة، وتتضح له بذلك المحجة، ويستمسك بفضل الله عز وجل بالدليل والحجة.