فيبطلُ التلازم، وإن كان مدلولُه ثابتًا لَزِمَ الوجوبُ عليهما، وهو خلاف الإجماع. أما ثبوتُ دلالته على الوجوب على تقدير الوجوب على المدين وانتفاءُ دلالتِه على تقدير عدم الوجوب عليه فهو ترجمة المذهب ونفس الدعوى، فلا بدَّ من دليلٍ يدلُّ عليه سوى هذا الدليل المشترك الدلالة، فإن هذا الدليل يدلُّ على الثبوت مطلقًا، أو لا يكون دليلًا فيلزمُ الانتفاء مطلقًا. فأما كونُه دليلًا على تقديرٍ دون تقديرٍ فليس في نفس الدليل ما يقتضي ذلك، فدعواه تحتاج إلى دليلٍ ثانٍ، وهو الدليل الصحيح على الملازمة دون الأدلة العامّة.
الخامس: أن يقال: هب أنك تدعي أحدَ الأمرين، لكن لا نُسلّم أحدَ الأمرين، ولم تذكر دليلًا يدلُّ على أحد الأمرين، وإنما ذكرتَ دليلًا يدلُّ على الوجوب عينًا فقط. وهذه المعارضة التي ذكرناها تنفي موجب هذا الدليل، ولا يجوز أن تدَّعي أحد أمرين أحدهما أقمتَ الدليلَ على ثبوته والآخر لم تُقِم دليلًا على ثبوته، بل لابدَّ أن تذكر دليلًا يدلُّ على ثبوت أحدهما، ولم تتعرض لذلك، وهذا يكشِف سِتْرَ هذا التزوير.
السادس: أن يقال: لا وجودَ لأحدهما في الواقع، أما الوجوب عينًا فبالإجماع، وأما الملازمة فلأنها لو كانت ثابتةً لَزِمَ نفيُ الوجوب على المدين، لكن الوجوب على المدين ثابتٌ بعين الأدلة التي دلَّت على الوجوب على الفقير، وإذا كان الوجوب على المدين ثابتًا فلو لزمَ منه الوجوبُ على الفقير لَزِمَ أن يكون الوجوب على الفقير ثابتًا، وهو خلاف الإجماع. وإنما لزمَ هذا من الملازمة المدَّعاةِ فيكون باطلًا، وليس هذا بغَصْبٍ لوجهين: