للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقولك: «الحكم يضاف إلى ما هو جائز العدم» تَعْنِي به أنه في حقيقته يجوز أن يكون موجودًا، ويجوز أن يكون معدومًا؟ أم تَعني به أنه في اعتقاده يجوز أن يكون معدومًا؟ إن عَنَيتَ الأوَّلَ فلا نُسلِّمه فجاء الدليل عليه، ثم نقول: لا يجوز أن يكون معدومًا لأنه حكم الله، وحكمُ اللهِ قديم، وهو مضافٌ إلى علمِه القديم، وما ثبتَ قِدَمُه استحالَ عدمُه. فبتقدير أن يكون الحكم ثابتًا لا يجوز عدمُه ولا عدمُ ما يُضاف إليه. ثم لا فرق على هذا التفسير، ثم لا فرق بين الأول والثاني.

ثمّ هَبْ أنه قابلٌ للعدم إذا عني صفة الفعل، لكنه صار موجودًا، والموجود بعد وجودِه لا يجوز أن يكون معدومًا، إذ الجمع بين الوجود والعدم محالٌ.

وإن قال: نحن نُجوِّز أن يكون معدومًا لتجويزنا عدمَ الحكم في الفرع، وكون هذا الجواز ملزومًا لجواز عدم الوصف الذي أضيف إليه الحكم في الأصل.

قيل لك: تجويزنا لعدمِه مستندٌ إلى عدم عِلْمِنا به هل هو موجود أو معدوم، وعدمُ علمنا به لا يجوِّز أن يكون مانعًا من كونه علةً للحكم في الأصل، ولا عِلمُنا بوجودِه يُجوِّز أن يكون جزءًا من العلة في الأصل، ولا شرطًا (١) في العلة، لأن العلّة هي الوصف الذي لأجله أثبتَ الله ذلك الحكم، وذلك [ق ٨٧] المناط إذا ما ثبت في علم الله لا يجوز أن يختلف (٢)، وهو ثابت في علم رسولِه - صلى الله عليه وسلم - قبل وجودنا وقبل اعتقادنا، فلو جاز أن يكون


(١) في الأصل: «شرطنا».
(٢) كذا في الأصل، ولعله «يتخلف».