للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين الأول [فرق] (١) على تقدير صحة القياس، والكلام مبنيٌّ عليه.

فإن قلت: من الأحكام ما هو بعيدٌ.

قلتُ: البعيد هو ما لم تُعلَم عِلَّتُه، فأما أن لا تكون له علةٌ في نفس الأمر فلا.

وهنا بحوثٌ كثيرة ليس هذا موضعَ ذكرها.

ولما ادَّعى السائل عدمَ الإضافة إلى المشترك أو عدمَ إضافةٍ [إلى ما] يلزم منه عدم الإضافة إلى المشترك، قابله المستدلُّ بمثل ذلك، فادَّعى الإضافةَ إلى المشترك أو إلى ما يحقق الإضافة إلى المشترك، أي ما تكون الإضافة إليه محقِّقةً للإضافة إلى المشترك، وهو ما كان ملازمًا له، بحيث يلزم من وجودِه وجودُ المشترك، أو أن يكون سببًا (٢) للمشترك أو حكمة للمشترك أو سبب سببٍ أو حكمة حكمةٍ، فإن الإضافة إلى واحدٍ من هؤلاء لا ينافي الإضافة إلى الآخر بل يُحقِّقها، فإن السبب متضمن لحصول الحكمة بالحكم، والحكمة إنما يتحقق حصولُها بالحكم عند تحقق السبب.

وهذا كما يقال: أَكلَ لأنه جائعٌ، وأكلَ للشِّبَع، فإضافة الأكل إلى الشبع الذي هو الحكمة تُحقِّق الإضافة إلى الجوع الذي هو منشأ كون الحكم محصِّلًا للحكمة، والإضافة إلى الجوع الذي هو السبب تُحقِّق الإضافة إلى الشبع الذي هو الحكمة التي بها صار الجوعُ سببًا للأكل، كما لم يَصِرْ سببًا


(١) الأصل: «و»!
(٢) الأصل: «سبب».