للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حيث لا يشعر الغبيّ، فافطن (١) لهذا المعنى.

الثالث: أن يقال: المقتضي للوجوب في الأصل؛ إما أن يكون ثابتًا، فهو مدفوعٌ بالمانع بالإجماع، وذلك المانع إما المشترك أو غيره، فلِمَ قلتَ: إنه المشترك دون غيره؟ فإنَّ عدمَ الحكم في الأصل يدلُّ على عدم موجِبه، أو وجود مانعه، فإنه إذا لم يتحقق أحدُهما، تحقَّقَ الموجبُ السالمُ عن المعارِض فيعملُ عملَه. هذا هو الذي يدلُّ عليه عدمُ الحكم، فلِمَ تحكَّمْتَ بتعيين كون ذلك المؤثِّر في عدم الحكم هو المشترك، دون غيرِه من غيرِ دليل؟

وهذا كمن قال: زيدٌ جائعٌ، فإن لم يأكل هذا الرغيفَ يموت؛ لوجود الجوع المقتضي.

فيقال له: الجوعُ يندفع بما يسدُّ الرَّمَقَ من هذا الرغيف أو غيره. فَلِمَ خصَّصْتَ الحكمَ مع أن المقتضي لا اختصاص له؟ ونحو ذلك من كلِّ أمرٍ يدلُّ على موجَب مُجْمَل.

ولو ادَّعى مدَّع (٢) أنَّ المؤثِّر في عدم الحكم هو ما يختص بالأصل، أو مشترك (٣) آخر بينَه وبينَ فرع آخر= لم يكن بينك وبينه فرقٌ إلّا التحكُّم. وذلك: أنَّ كلَّ تقدير ينشأ منه ثبوتُ مقتضٍ أو عدمُه، أو انتفاءُ مانعٍ، فلا يُقْبل من أحدٍ تعيين المقتضي أو المانع إلّا بدليل. وتقديرُ عدم الوجوب في


(١) الأصل: «ففطن»، والصواب ما أثبت، ويمكن أن تكون أيضًا: «فتفطَّن».
(٢) رسمها في الأصل: «يدعي».
(٣) الأصل: «مشتركًا».