ولا يقال: الأصلُ عدم هذا العلم؛ لأن القديم لا يجوز نفيه، وإنما يجوز نفي ما عُلِم أنه ليس بقديم؛ لأنه كان في الأزل معدومًا، والأصلُ بقاءُ ما كان على ما كان.
فأما القديم فلم يكن معدومًا قطُّ حتى يُسْتصحبَ عدمه، إلا أن يقال: الأصلُ عدمُ علمنا بكونه عِلة، ونحن مُتَعَبَّدون بما علمنا دون ما لم نعلمه، وتجويز أن يكون في نفس الأمر علةً لم نعلمها، لا (١) يَمْنَعُنا أن نضيف الحكم إلى ما ظهر لنا، لكن يَمْنَعُنا من القطع واليقين، ونحن إنَّما ندَّعي الظنَّ، وهو حاصل، فهذا قد يتسمَّى.
الوجه الرابع: الوجوب في الحُلِيّ إما أن يكون واقعًا أو غير واقع، فإن كان واقعًا بطل استدلال المستدلِّ؛ لأنه يستدلُّ على عدم وقوعه، والاستدلالُ على عدم وقوع الواقع باطل، وإن لم يكن واقعًا فالأصل النافي يقتضي عدم وقوعه، ويلزم من ذلك عدم علةٍ للوقوع سواء فرضت القدرَ المشترك، أو القدر المختص، إذ لو كانت للوقوع علة للزم الوقوع، والتقديرُ خلافُه، وحينئذٍ فلا يصح الاستدلال بالأصل [ق ١٧١] النافي على عدم عِلِّيَّة بعض الأمور الموجودة في الأصل، وهي المشتركة دون المختصَّة؛ لأن ذلك مستلزم لِعِلِّيِّة البعض دون البعض، وهو خلاف موجِب الدليل، بل وهو خلاف الواقع، فعُلِم أن الاستدلالَ على عِلَّية المشترك دون المختصّ بالأصل بالنافي لا يصح على التقديرين.
الخامس: أن الوجوبَ في الحُلِيّ إن كان واقعًا فلا يصح الدلالة على