الوجه الحادي عشر: لا نُسَلِّم أن شيئًا من الوجوب أو التحريم ضرر أو إضرار.
قوله (١): «الإضرار يفوت المطلوب».
قلنا: لا نُسَلِّم.
قوله:[ق ٢٨٥]«الإضرار دار معه وجودًا وعدمًا».
قلنا: لا نُسَلِّم؛ لأن دورانه معه: أن يوجد حيثُ وُجِد، ويُعْدَم حيث عُدِم، وقد رأينا ما لا يُعَدّ ولا يُحصى من فوات المطلوب، ولا يُعد ذلك ضررًا، ولا تفويته إضرارًا، فإن فضلات المطالب مثل العمر الطويل جدًّا بحيث يعيش عشرة آلاف سنة، والمال الواسع بحيث يملك كل ما على الأرض، والرِّياسة العامة بحيث يستولي على أقطار المعمورة، والعلم المحيط بحيث لا يخفى عليه إلا ما شاء الله، والقوَّة التامَّة بحيث يقتدر على ما يريد، والسمع النافذ، والبصر التام، إلى غير ذلك مما هو مطلوب للنفوس في الجملة، بمعنى أنها تريدُه وتشتهيه وتسعى في تحصيله لو أمكن، وإنما أقعدها عنه اليأس من حصوله= فإنه فَوْتُ مطلوبٍ، ولا ضررَ على من فاته ذلك.
بل من المعلوم أن الملك قد فات النوع إلا وحدًا، وهو مطلوب النوع، ومع هذا فلا يعدون فواته ضررًا، ولا نُسَلِّم أنه دار معه عدمًا، فإن الرجل قد يتضرَّرُ من غير فَوْت مطلوب، وذلك لأن الطلب مسبوق بتصور المطلوب، والإنسان قد يكره أشياءَ وهي تضره، وإن كانت نفسُه لا تستشعر طلبَ أضدادها، فإن الإنسان يتضرَّر بالمرض، وهو لا يستشعر الصحة فلا يطلبها، لكن لو حصل له المرض لتألم به، ولهذا أكثر الناس غافلون عن طلب عدم