للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المدارك التي شَرِكْناهم فيها من دلالات الألفاظ والأَقْيِسة، فلا ريب أنهم كانوا أَبَرَّ قلوبًا، وأعمق علمًا، وأقلَّ تكلُّفًا، وأقربَ إلى أن يُوَفَّقوا؛ لما خصهم الله به من توقُّد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسَعَة العلم، وتقوى الرب، وحُسْن القصد، وغير ذلك من الأسباب التي توجب التوفيق للحق. فإذا كان قد امتاز عنَّا بطرق الأحكام، وفُضِّل علينا فيما شَرِكَنا من الطرق= عُلِمَ علمًا ضروريًّا أن الظن الذي يحصل لنا بقوله الذي قاله أقوى وأرجح من الظنِّ الذي يحصل بِتأويلاتنا ومقاييسنا، ومن شكَّ في هذا، أو قاسهم بغيرهم من المجتهدين، أو أُعْجِب برأي نفسِه فَلْيُعَزِّ (١) نفسَه من العقل والدين.

الوجه الثاني عشر: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي ظاهرينَ على الحقِّ» (٢).

وقال عليٌّ - رضي الله عنه -: «لن تخلوَ الأرضُ من قائمٍ لله


(١) كذا، ويحتمل أن تكون: «فليعزل».
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٩٢٠) من حديث ثوبان - رضي الله عنه -.